الجمعية الأمريكية الاستشراقية American Oriental Society


                                       

      

تحدث رئيس الجمعية دبليو. هيز وورد W. Hays Ward في الاجتماع السنوي للجمعية الذي عقد في مدينة بوسطن في 7 أبريل 1893 للاحتفال بمرور خمسين سنة على إنشاء الجمعية وتضمن حديثه أهداف الجمعية وأعضاءها المؤسسين ونشاطات الجمعية خلال الخمسين سنة الماضية. وفيما يأتي أهم ما جاء في هذا الخطاب.

تأسست هذه الجمعية في شهر أغسطس عام 1842 في مدينة بوسطن ،  وتم الاجتماع في7 شهر سبتمبر من ذلك العام لمناقشة مسوّدة القانون الأساسي للجمعية وإقراره ، وتم اكتمال التأسيس  في 13 أكتوبر بانتخاب أول رئيس للجمعية وكان جون بكيرينج John Pickering ، وكان هدف الجمعية هو تنمية المعرفة في مجال اللغات الآسيوية والأفريقية والبولونيزية. وكانت الجمعية في بدايتها جمعية إقليمية أي مرتبطة بولاية ماساتشوستس ونيويورك وفيلاديلفيا وغيرها من الولايات الشرقية.

وباستعراض الخلفيات العلمية للأعضاء المؤسسين نجد أن بعضهم لم يكن متخصصاً في المجالات التي تهتم بها الجمعية بينما كان بعضهم مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بهذا المجال. كما أن الجمعية كانت ذات ارتباط وثيق منذ بداية تأسيسها بالجمعيات التنصيرية الخارجية فقد كان أول مجلس إدارة للجمعية يضم ممثلين عن جمعيتين تنصيريتين خارجيتين هما روفوس أندرسون Rufus Anderson و بارنز سيرزBarns Sears  .

وكان من بين الاهتمامات الأولى للجمعية اللغة العبرية وقد تمثل هذا بواحد أو أكثر من الأعضاء المؤسسين فمن هؤلاء موسى ستيوارت Moses Stuart حيث كان أستاذ اللغة العبرية بكلية أندوفر اللاهوتية Andover . 

وقد أشار رئيس الجمعية إلى الخطاب الذي ألقاه أول رئيس للجمعية في الاجتماع الذي انتخب فيه أعضاء مجلس الإدارة إلى أن من اهتمامات الجمعية بالإضافة إلى التنصير الاهتمام بمصر حيث أثبت الدراسات أن التاريخ يعود إلى ما قبل القرن التاسع عشر قبل الميلاد ، وكذلك الاهتمام بقرطاجة والفينيقيين، وآسيا الصغرى وفي بلاد فارس  النسطورية وفي بلاد الرافدين .

وكان هناك ارتباط بين الجمعية والدراسات الاستشراقية في ألمانيا حيث كان بعض أبناء الولايات المتحدة يدرسون في ألمانيا اللغة السنسكريتية وهذا ما قاله أول رئيس للجمعية في العدد الأول من مجلة الجمعية لعام 1842. وكان أحد هؤلاء إدوارد إي سالزبري Edward E. Salisbury الذي تولى كرسي اللغة السنسكريتية واللغة العربية في كلية ييل Yale College

وقد أشار رئيس الجمعية إلى الصلات مع الجمعيات الاستشراقية المماثلة في كل من فرنسا التي تأسست جمعيتها قبل عشرين سنة من تأسيس الجمعية الأمريكية ، والجمعية الملكية الأسيوية (البريطانية ) التي تأسست قبل تسع عشرة سنة ، وكذلك الجمعية الآسيوية الألمانية التي تأسست بعد سنتين من الجمعية الأمريكية ( 1844).

وقد أشار الرئيس إلى أن أول عدد من مجلة الجمعية كانت مقالاته قد كتبت معظمها بأقلام المنصرين،  وكان ذلك صحيحاً في العدد الثاني حيث كان في العدد الثاني حيث كانت إحدى المقالات حول لغة الزولو وقد كتبها المنصّر لويس جروت Lewis Grout. أما المجلد الرابع فكانت عشر من المقالات الاثنتي عشر قد كتبها منصرون.

ومن خلال استعراض محاضر جلسات الاجتماعات السنوية ونصف السنوية لهذه الجمعية لعدد من السنوات تبين أن أهم نشاطات الجمعية تمثلت فيما يأتي :

أولاً:تركز نشاط الجمعية في شرق الولايات المتحدة وربما لم يتجاوز المدن الآتية : بوسطن وفيلادلفيا وواشنطن ، وبرنستون . ولعل السبب في هذا الأمر أن الجمعية كما ذكرت كانت محلية حتى قررت الجمعية العامة في مايو 1890 أن تصبح جمعية قومية وذلك لتسهيل عقد اجتماعاتها الدورية في مختلف الولايات الأمريكية حيث كانت في البداية أو حتى سنة 1890 محصورة في الولايات الشرقية وربما في ولاية ماساتشوستس فقط حيث المقر الرئيسي للجمعية.

ثانياً: ارتبط عمل الجمعية بالحكومة الأمريكية فقد كان بعض أعضائها يعملون في وظائف حكومية ودبلوماسية ومن ذلك أن القنصل الأمريكي في بغداد عام 1886 كان من أعضاء الجمعية، وقد كتب إلى الجمعية عن رحلته من سان فرانسسكو إلى بغداد.

ثالثاً: تركزت اهتمامات الجمعية بالإضافة إلى التنصير والتاريخ القديم بالأمور الآتية:

أ‌-      التأكيد على ضرورة الاهتمام بترجمات النصوص المقدسة إلى اللغات الشرقية ،وقد أشار أحد محاضر جلساتها إلى افتخار الجمعية بأن عدداً بارزاً من أعضائها كانوا علماء بارزين في الاهتمام بدراسات الكتاب المقدسة.

ب‌-    تمثل الاهتمام بالتنصير استمرار المنصرين في حضور جلسات الجمعية ونشاطاتها ، بل عقدت الجمعية بعض اجتماعاتها السنوية في كليات لاهوتية مثل اجتماع أول نوفمبر 1876التي عقدت في كنيسة كلية كولمبيا في 28 أكتوبر 1880.

ج‌-    الاهتمام بالآثار ، وفي أحد الاجتماعات السنوية أشار المحضر إلى أن أحد الأعضاء أرسل بعض القطع الأثرية من الاهتمام.

د-     الاهتمام بالأوضاع السياسية للشرق ومن أمثلة ذلك الحديث عن العلاقات الصينية 

       اليابانية عام 1875.

هـ- كان للجمعية علاقات علمية مع عدد من الجمعيات الأمريكية العلمية مثل الجمعية     الأمريكية للكتاب المقدس ، وأكاديمية العلوم والفنون الأمريكية ، والتعاون مع المؤتمر الدولي للمستشرقين حيث عقد في الولايات المتحدة أحد هذه المؤتمرات.

و- لم تقتصر دراسة الجمعية للغات الرئيسية الشرقية بل اهتمت كذلك باللهجات المحلية  أو لغات الأقليات كاهتمامها مثلاً بلهجات الأكراد في الاجتماع الذي عقد في أول نوفمبر 1876.

ز- أنشأت الجمعية مكتبة استشراقية تتقبل التبرعات والهبات وكان كل اجتماع من اجتماعاتها يتضمن تقريراً حول المكتبة والكتب الجديدة التي اقتنتها وكذلك المخطوطات والوثائق .وكذلك الكتب التي أهديت للجمعية من ذلك أن حكومة الهند قد أهدت الجمعية كمية ضخمة من الكتب عام 1887.

ح‌-    تميزت الاجتماعات حتى نهاية القرن التاسع عشر بالاهتمام بالجانب الاجتماعي في العلاقات بين الأفراد حيث كان كل اجتماع يتضمن زيارة لمنزل رئيس الجمعية لحفلة شاي أو لتناول طعام العشاء أو الغداء أو غير ذلك من المناسبات للخروج بالجمعية من جو الاجتماعات الرسمية إلى تقوية الروابط بين الأعضاء.

ك- كان للجمعية أعضاء مراسلون في الدول الأخرى ( الشرقية) وكانت تصلها تقارير من هؤلاء فتقرأ في الاجتماعات السنوية ونصف السنوية.

ل- كان للجمعية مشاركة فعالة في تأسيس مدرسة للدراسات الإنجيلية والأثرية في بيروت كما جاء في محضر الجمعية في 27 أكتوبر 1886.

م- كانت الجنة التحضيرية للاجتماعات السنوية تعد بياناً بميزانية الجمعية التي كان من الملاحظ أنها كانت تزداد سنة بعد أخرى.

ن- بدأت الجمعية منذ أول سنة بإصدار مجلتها التي تصدر مرتين في السنة. وكانت أعداد المجلة ترسل إلى الأعضاء كما كان يرسل إليهم محاضر جلسات الاجتماعات السنوية والنصف سنوية.  

س- كانت المحاضر تتضمن الحديث عن الأعضاء الذين توفوا فيقدم بعض الأعضاء تأبيناً لهم يتضمن الحديث عن جهودهم العلمية .وهو تقليد يدل على وفاء هؤلاء لزملائهم الذين خدموا أهداف الجمعية.

ص- كان لليهود نفوذ واضح في الجمعية وإن لم يكن صريحاً ولكن يكفي أن نجد أنهم تناولوا عام 1876 مسألة إعادة المعبد في القدس.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية