من تجاربي مع الخطوط السعودية ذات يوم


                         مختبر الأعصاب                

هل قُدّر لك أن تذهب إلى المطار وأنت مطمئن إلى أنك ستسافر بحول الله وقوته إلى الجهة التي تريد فيفاجئك موظف الخطوط السعودية بالقول إن اسمك لا يظهر أمامي على شاشة الكومبيوتر ؟ فتقول له إنني متأكد أنني اتصلت بالحجز هذا الصباح وأفادني الموظف بأن لي حجزاً على الرحلة. ولعلك تضيف إنني لم أحضر إلى المطار إلاّ لأنني أعرف أنني سأسافر بإذن الله. وهنا يقول لك الموظف لا شأن لي بكل ما تقول اسمك ليس على الرحلة وليس عليها إمكانية أن أضيف اسمك ولكن إذا أردت سجلت اسمك في الانتظار.

وعندها يقول لك اذهب إلى علاقات الركاب واشرح لهم وضعك . فيقول لك موظف علاقات الركاب اذهب إلى مدير المبيعات والحجز في المطار واشرح له الوضع ، ويقوم هذا الأخير  بدوره بضغط أزرار الكمبيوتر فيجد أنه ليس لك حجز ويعطيك رقم الحجز الذي تحفظه وتنتظر ربع ساعة حتى يجيبك أول موظف ويقول لك اسأل عن المشرف على الحجز وأخبره بشكواك، ويقول لك أيضاً اذهب إلى المدير المناوب أو رئيس الصالة كما يطلقون عليه- وهناك تجد شخصاً متمرساً في مثل هذه الشكاوي ولو أقسمت له بكل الأيمان لما صدّقك فالكمبيوتر عنده هو المصدق. وإذا كنت تقول له لقد أضعتم وقتي بأن أعطيتموني أملاً كاذباً وأنني سأقضي أربع ساعات أو أكثر حتى يأتي موعد الرحلة التالية فكل هذا لا يهمه.وقد تضيف إن وقتي ثمين لماذا يضيع في الانتظار؟

وتعود مرة أخرى بصحبة رئيس الصالة ويتحدث إلى زملائه بلغة تشبه الرموز بأن هذا الراكب مزعج نوعاً ما فابحثوا له عن حل ، ولكن بعد أن ينال عقابه على أن رفع صوته علينا. وتقف بجوار موظف صغير لا يحمل سوى شريطة واحدة فترى عجباً يأتيه أحد الموظفين الرسميين العاملين في المطار(جندي) ويقول له أريد بطاقتي صعود إلى البلد الفلاني فيقول له ( طلباتك أوامر لو طلبت عشراً لأعطيتك)،  ثم يأخذ التذاكر ويسرع في استخراج بطاقات صعود الطائرة ، ويطلب من الموظف الرسمي أن يأتيه بالركاب ليأخذوا بطاقاتهم. ويطول انتظارك أمامه وأخيراً يضغط على أزرار بالكمبيوتر بعد أن بقي على الرحلة ما يقارب النصف ساعة ويستخرج لك بطاقة الصعود وبطاقة العفش ولكنه لا يعطيك إياها ويقول لك عد إلينا بعد خمس دقائق. وتصعد إلى الطائرة وتجد أن عليها أكثر من ثلاثين مقعداً خالية. وهذا لا يمكن أن يكون تخلف في رحلة داخلية قصيرة (من جدة إلى المدينة المنورة)

هذا الموظف الصغير ذي الشريطة الواحدة يتصرف في الرحلة أو الرحلات أمام رئيسة ذي الثلاث أشرطة دون أن يقول الرئيس كلمة واحدة. ولكن يبدو أن التفاهم تام بينهم وتسمع الرموز بشأن الرحلات  والمقاعد تشارلي ، ليما وكأنه يريد أن يوهم الركاب أنه يتحدث لغة لا يفهمها الركاب المساكين الذين ينتظرون أن يمنّ عليهم الموظف ببطاقة إذا لم يكن لهم من يعرفوه حتى يسهل لهم الأمر.

إن اختبار الأعصاب هذا حدث في يوم الخميس الموافق 29ربيع الأول 1419 واسم الموظف الذي أعطى البطاقتين وربما أكثر لدي وإنني على استعداد لتزويد السعودية به إن أحبت أن تحقق في المسألة. إن أغلى ما يملكه الإنسان عمره أو وقته فإذا أهدر بهذه الطريقة فمن المسؤول عن ذلك ، ولم يكن ضياع الوقت وحده هو المزعج، ولكن زيادة على ذلك أن يدخل الراكب في اختبار أعصاب قد ينجح فيه وقد لا ينجح، وإذا لم ينجح فقد يرتكب خطأً يحاسب عليه.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية