ملخص محاضرة الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة

                        
 بسم الله الرحمن الرحيم

الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة:

نادي جيزان الأدبي- 10 رجب 1418هـ

المحاضر : د. مازن صلاح المطبقاني

أستاذ مساعد بقسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة -جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

 

       بدعوة من نادي جيزان الأدبي ألقى الدكتور مازن بن صلاح مطبقاني محاضرة بعنـوان (الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة) وذلك يوم الاثنين 10 رجب 1418هـ. وقد تحدث المحاضر في بداية المحاضرة عن الاهتمام الغربي بالأدب العربي الحديـث فذكر أن عدداً من الباحثين يرون أن الغرب لا يهتم حقيقة بالأدب  العربي الحـديث ، وأن معظم الاهتمام الاستشراقي هو بالأدب العربي القديم. ويرى الدكتور عاصم حمدان أن الاهتمام بالقديم إنما كان بسبب أن الأدب يمثل فكر الأمة وتطلعاتها وشـخصيتها وهويتها. وقد كان الأدب العربي ملهماً لكثير من الأدباء والشعراء الغربيين في كتاباتهم ومن هؤلاء تشوسر صاحب قصص الكانتربري ودانتي وجوته وغيرهم. أما عندما أصبحت كثير من الكتابات الأدبية العربية المعاصرة نسخة مشوهـة من الأدب الغربي أساليب ومناهج وقيماً وغير ذلك. وبخاصة في مجال النقد الأدبي الذي طغت عليه المدارس الأجنبية فقد قلّ الاهتمام أو لم يجد فيه الغرب الشخصية العربية الإسلامية المتميزة التي كانت تميز الأدب القديم.

        ولكن الدكتور المطبقاني يرى أن الاهتمام بالأدب العربي الحديث ليس قليلاً أو محدوداً ولكن هذا الاهتمام اختياري وانتقائي ومتحيز لنماذج معينة من الأدب العربي. والدليل على ذلك أن جائزة نوبل ذهبت لنجيب محفوظ على روايته أولاد حارتنا ولموقفه من عملية السلام مع اليهود ولتأثره بالفكر الغربي وبخاصة بكل من ماركس وفرويد ودارون. وأن من المرشحين الحاليين لهذه الجائرة في الدوائر الاستشراقية هو أدونيس وكذلك في الدوائر الحداثية. لا أدري من الذي أوحى للثاني بهذا الرأي؟

      وتركز الاهتمام الغربي على الأدب العربي الحديث الذي يحارب العقيدة الإسلامية ولا يقيم وزناً للقيم الإسلامية والثوابت والمسلمات. فروايات نجيب محفوظ ترفع من شأن الانحراف والمنحرفين والمومسات، وتدعو إلى اللهو والإباحية فالمومسات لهن شأن في روايات نجيب وكذلك المنحرفين وذلك في روايات مثل ثرثرة فوق النيل وهناك محاربة مسلمات الأمة ومقدساتها، والسخرية باستمرار من الدين والمتدينين.

      ومن نماذج الانحرافات الخلقية الاهتمام بكتابات محمد شكري حتى إن كتبه قد ترجمت إلى العديد من اللغات، وقام بعض طلاب الدراسات العليا بإعداد بحوث ودراسات حولها. ولم يكتب شكري ما يمكن أن يطلق عليه أدباً فهو صاحب فكر منحرف يريد أن يقلد الكاتب الأمريكي هنري ميللر، مع الاختلاف في أن ميللر كان صاحب ثقافة واسعة ولغة أدبية راقية، ولكنه يحرص على كتابة ما يسمي الأدب المكشوف.

       وقد أبدى الاستشراق المعاصر الاهتمام بلغة الأدب العرب المعاصر فكان مشجعاً للغة العامية ومحاربة الفصحى بحجة أن الفصحى لا تصلح لكتابة الحوار في الروايات أو في المسرحيات. كما اهتم الاستشراق بالشعر الحر أو المرسل أو ما يسمى "قصيدة النثر" وقد احتفـل كثيراً بهؤلاء. وقد انتقل هذا الاهتمام من الدوائر الاستشراقية إلى وسائل الإعلام العربية الإسلامية حيث فتحت لهم الأبواب وتوصل هؤلاء إلى السيطرة التامة على كثير من منـابر الرأي في العالم الإسلامي. ولا ينبغي أن نغفل أن للاستشراق دور في هذا مهما حاول هؤلاء أن يتنصلوا من وجود مثل هذه الصلات. وقد قدّم الدكتور أحمد سمايلوفيتش في بحثه المعنون فلسفة الاستشراق في دراسة الأدب العربي الحديث هذا الموضوع بتوسع. وقد استمر الاهتمام بهذا الأمر بعد صدور كتاب سمايلوفيتش (1974) بل إن جامعة جورجتاون أعلنت منذ أيام عن إصدار عدة قواميس إنجليزية عربية وعربية إنجليزية لكل من العامية العراقية والسورية والمغربية. كما أن معهد الخدمة الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية يدرّس اللهجات المحلية وهناك من المستشرقين المعاصرين من يعرف اللهجات أو اللغات العامية ولا يعرف العربية الفصحى.

وتناول المحاضر في أحد محاوره اهتمام الغرب بالأدباء العرب المتغربين فيقدم لهم الفرص لحضور الندوات والمؤتمرات وإلقاء المحاضرات ويترجم إنتاجهم ويروج له. وقد بدأ المحاضر بالاهتمام بالأديبات العربيات المتغربات ومن هؤلاء ليلى العثمان وسعاد الصباح وحنـان الشيخ التي استضافتها رابطة دراسات النساء الشرق أوسطيات بالولايات المتحـدة الأمريكية في الاجتماع السنوي للرابطة كما قدمت قراءة لكتابها قصص حياتي التي تحدثت فيه عن تمردها على مجتمعها وعلى وطنها وعلى قيمها وتحدثت فيه عن الاغتراب وغير ذلك من الأمور التي توضح مدى الضياع الذي تعيشه.

      ومن صور الاهتمام بالكاتبات أن قامت فرقة مسرحية بريطانية بتمثيل مسرحية كتبتهـا حنان الشيخ ولا تختلف في قيمها وفكرها عن الكتابات الغربية. وقامت دور نشر بنشر بعض كتابات أهداف سويف القاصة المصرية. وتحرص وسائل الإذاعات الموجهة (وهو استشراق إعلامي) بتقديم عروض لكتابات هؤلاء الكتاب واستضافتهن للحديث في المناسبات المختلفة وبخاصة حول ما يسمى "تحرير المرأة"

        أما الاهتمام بالأدباء العرب الذين يتبنون الفكر الغربي فقد قدمت جامعة جورجتـاون وظيفة أستاذ زائر لحليم بركات كما استضافت جامعة لندن كمال أبو ديب واستضافت جامعة هارفارد حسين أحمد أمين، وترجمت كتابات أدونيس وعبد الوهاب البياتي وغيرهم. كما فتح معهد الفنون المعاصرة البريطاني الفرصة لعدد من الأدباء المتغربين فرصة اللقاء بالأدباء والتحدث من علىمنبره - مع أن المعهد يزعم بأنه يعطي الفرصـة للجميع -ولكن هذا الجميع إنما هم الذين يخرجون على قيم مجتمعاتهم الإسلامية وتمنع كتاباتهم في بلادهم حيث استضاف المعهد محمد شكري ونوال السعداوي وحنان الشيخ وعبد الرحمن المنيف وغيرهم.

     وقدم المحاضر في المحور الأخير نماذج من الندوات التي اهتمت بالأدب العربي الحديث ومنها ندوة جامعة اكستر التي عقدت مرتين في ذكرى وفاة محمد عبد الحي شعبان مؤسس قسم الدراسات الإسلامية بالجامعة.بالإضافة إلى الحديث عن الأدب العربي في المؤتمـرات التي يعقدها اتحاد المستشرقين الأوروبيين كل عامين، وكذلك المؤتمر العالمي للدراسات الآسيوية والشمال الأفريقية.

      وبالإضافة إلى الندوات هناك الرسائل العلمية التي تهتم بالأدب العربي الحديث فهنـاك رسالة دكتوراه منذ أكثر من عشرين سنة قدمت في جامعة برنستون حول جرجي زيدان، بالإضافة إلى رسائل دكتوراه عن عبد الوهاب البياتي ومحمد شكري وأمثال هؤلاء. كما قدم المحاضر بعض النماذج للمحاضرات والكتب التي ظهرت في الغرب حول الأدب العربي الحديث.

      ولا بد في نهاية هذا الملخص أن نؤكد أن الاستشراق لا يهتم بالأدب العربي الحديث الذي يعتز بالإسلام ويتمسك بالقيم والثوابت الإسلامية. لا يشك المحاضر أن الغرب يعرف هؤلاء معرفة جيدة لأنه عرف عنه اهتمامه بكل ما يصدر عن العالم الإسلامي حيث يحصلون على كل مطبوعة تصدر عندنا ويقرأون كل ما نكتب ويترجمون بعضه  لتحليله والتوصل إلى فكرنا تماماً لكنهم بعد ذلك يمارسون التعتيم على هذا الإنتاج ذلك أن الأدب من أبلغ الوسائل في الدعوة إلى الله وهم لا يريدون لمثل هذا الأدب أن ينتشر بين طلابهم وبين شعوبهم ولذلك فمسؤولية العالم العربي أن يحرص على نشر هذا الأدب الذي يمثل القيم الإسلامية والأخلاق الإسلامية ليكون وسيلة لدعوة الأمم الأخرى.

     وقد أثارت المحاضرة الكثير من التعليقات والتعقيبات التي أشادت بطرافة الموضوع وأن المحاضر فتح آفاقاً كثيرة أمام الحضور. وقد تحدث نائب رئيس النادي في ختام الأمسية مشيداً بالمحاضرة وأنها كانت من أنجح المحاضرات التي ألقيت في النادي لتناولها موضوعاً جديداً فلم يسبق للنادي أن قدم محاضرات في هذا المجال. وشكر المحاضر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية