الاغتصاب ,والاختلاط


 

     كما عانى الشباب والأطفال من توجه الجريمة ضدهم فقد نالت المرأة نصيبها من الجريمة ضدها، ولاسيما جريمة الاغتصاب، فقد نشر (مركز الضحايا الوطني) و(مركز الأبحاث ومعالجة ضحايا الاغتصـاب) أن ثمان وسبعين امرأة يتعرضن للاغتصاب كل ساعة أي 683 ألف امرأة سنويا)([1]).

أما التعرض للمضايقات الجسدية أو التحرش الجنسي فحدث ولا حرج، فإذا كان الاغتصاب يصعب تحديد حالاته بدقة لأن نسبة كبيرة من النساء لا يبلغن عن حدوثه وذلك لصعوبة إثباته أو للمضايقات التي يتعرض لها إذا ما أقدمن على الشكوى([2])، فإن تعرض المرأة للمضايقات الجنسية بلغ حداً كبيراً، ومما يلفت الانتباه أن ثلثي الشرطيات البريطانيات يتعرضن للمضايقات الجنسية من زملائهـن في العمل مما أدى إلى قيام إدارة الشرطة بتكليف عالمة نفس بدراسة الوضع واقتراح الحلول المناسبة([3]).

ولكن هل ستقدم عالمة النفس من المقترحات ما يمنع التحرش الجنسي في إدارة الشرطة؟ أعتقد أن المجتمعات الغربية عموما بلغت ما يسمونه نقطة أللّارجوع إلى أن يكتب الله لهم الهداية، فقد بدأ الاختلاط بالزعم أنه "يخفف التوتر الجنسي لدى الطرفين، ويسمو بالعلاقة بينهما إلى مستوى إنساني فلا يعود أحدهما ينظر إلى الآخر من زاوية جنسية فحسب.. وهكذا فالمجتمعات التي تقر الاختلاط تشكو من تفاقم المشكلات الأخلاقية التي تنجم عن العلاقات بين الجنسين."([4])

وقد خصصت مجلة النيوزويك الأمريكية Newsweek   ملفاً للحـديث عن السلوك الجنسي للرجال مع النساء والنساء مع الرجـال وحرصت على تقديم تعريف للاغتصاب، ونظراً للاختلاط الذي تعرفه المجتمعات الغربية منذ مئات السنين فمن الصعـب تحديد ما هو الاغتصاب. وقد أوردت المجلة تعريف مكتب التحقيقات الفيدرالي للاغتصاب ولكنها ترى أن هذا التعريف غير كاف. كما إن العقلية الغربية غريبة حقاً في هذه المسألة فإن المرأة تريد أن تكون مع الرجل في خلوة تامة وفي موعد تعرف مسبقاً أن عقلية الرجل الغربي لا تدفعه لدعوة امرأة لعشاء أو سهرة إلاّ وهو يتطلـع إلى الحصول على عائد ما ولكنها تستنكر لو أقدم الرجل على المطالبة بتعويض عمّا أنفقه.([5])

 ووصل الأمر بانتشار حالات الاغتصاب إلى أن امرأة تعمل شرطية في شرطة لندن تعرضت للاغتصاب في أحد القطارات في لندن في وقت متأخر وهي في طريق عودتها إلى بيتها.([6]) وقد انزعجت الشرطة في لندن من ازدياد حوادث الاغتصاب لذلك قامت بإصدار بعض التعليمات لمواجهة هذه الحوادث ومن التعليمات:

  أ - الاحتشام في اللباس.

  ب-عدم وضع الأيدي في الجيوب حتى تكون المرأة مستعدة للدفاع إذا ما تعرضت للاعتداء.

  ج- عدم الجلوس في الحافلات في الطابق العلوي إذا كانت الحافلة خالية، والحرص على الركوب قريبا من السائق.

ولكن أنى لهن أن يسمعن موعظة وقد ذكرني هذا بمحامية أمريكية عجوز استضافها التلفـزيون الأمريكي قبل أكثر من عشرين سنـة للتحدث في مشكلة الاغتصاب فذكرت أن النساء هن سبب ما يقع لهن من حوادث اغتصاب حيث الملابس الفاضحة والخروج وحيدات دون حماية من رجل، وأضافت أن الرجل مهما كان مكتفيا غريزيا فإن منظر عري النساء يثيره.

كما أن الاختلاط الذي يعيشه الغرب يتسبب إلى حد ما فيما يعانيه الغرب، حتى إن مجلة "المختار" Reader’s Digest قد نشرت تحقيقاً حول الاختلاط في العمل في مجالات الحياة المختلفة وما يتسبـب فيه من إثارة الغرائز هو أحد أسباب انتشار الجرائم الجنسـية. ومما أوردته المجلة في تحقيقها: "أينما يعمل الرجال والنساء معاً فإن ’الافتتان‘ يأتي بوحي من واقع الميدان (العمل المختـلط) وليس هذا الانجذاب بسبب سيطرة إفرازات زائدة لهرمـون ’الادريانين‘ فحسب، ولكن في أي مكان عمل (مختلط طبعاً) من المعمل إلى المكتبة العامة."([7])

  هذه الفطرة التي فطر الخالق سبحانه وتعالى عليها وهي الانجذاب بين الجنسين يريد الغرب كبتها في العمل، وهو ليس بمستطيع وهذا ما يقوله أحد العاملين بمعهد العلاقات بين الجنسين في مدينة سانتا باربرا بكاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية: "لا يمكننا أن نشرع قانوناً لإبقاء الميول الغريزية خارج نطاق العمل، فهذه الميول جزء من شخصية الفرد لا تستطيع أن تعطل أداءها بضغطة زر لأنك موجود في العمل."([8])

  ولعل من أسباب هذه الأوضاع أن الحضارة الغربية كما يرى علي عزت بيجوفتش قد "أحالت المرأة إلى موضوع إعجاب أو استغـلال، ولكنها حُرِمَت من شخصيتها وهو الشيء الوحيد الذي يستحق التقدير والاحترام. وهذا الموضوع مشهود بشكل مضطـرد، وقد أصبح أكثر وضوحاً في مواكب الجمال أو في بعض مهن نسائية معينة مثل ’الموديلات‘، وفي هذه الحالات لم تعد المرأة شخصية ولا حتى كائناً إنسانياً وإنما هي لا تكاد تكون أكثر من حيوان جميل."([9])

 

 



[1]- محمد صلاح الدين. "جرائم ضد النساء"، في صحيفة المدينة المنورة عدد 9717، 12/13/1412هـ.
3-Richard Ford. “ Women Fail to Report Sex Attacks.” in The Times. 25 August 1994.
4-The Times, July 9th, 1994.
[4]- عبد القادر طاش. "مزاعم ينقضها الواقع". في المدينة المنورة، عدد 11933، 15 رجب 1416هـ (7/12/1995).
2-Sara Crichton. “Sexual Correctness has it gone too far? in Newsweek. October 25,1993
[6] - الشرق الأوسط.عدد 6473 ، 4ربيع الآخر 1417، (18 أغسطس 1996م)
[7] -عصام مدير وأنس فودة. " مجلة أمريكية تفضح أجواء العمل المختلط." في المسلمون.ع 601،25 ربيع الآخر 1417(9 أغسطس1996) نقلاً عن الريدرز دايجست Reader’s Digest عدد فبراير 1996.
[8] - المرجع نفسه.
[9] -بيجوفتش، مرجع سابق، ص 264.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية