ذكريات مؤلمة مع عميد أو مدير المعهد العالي للدعوة بالمدينة المنورة


      عندما فتحت الملف الذي أطلقت عليه قضية المعهد قالت لي زوجي خديجة إن تذكر الماضي والمآسي يؤثر سلبياً على النفس، ويؤجج الجراح والمواجع، فهل الأمر كذلك؟ والأمر الثاني أن القاضي ينصح أن لا يقضي حتى يسمع المتخاصمين؛ فقد يكون أحد الخصمين عينه مفقوءة ويأتي الخصم الآخر وقد فقئت عيناه. ولا أدري عين من فقئت في قضيتنا ومن الذي تضرر أكثر مازن مطبقاني أو المعهد أو مدير المعهد في تلك المرحلة؟

     وجدت خطاباً من مدير المعهد وردني منه بعد أن أُخرج من الإدارة، ولكنه يحمل رقماً هو 1245وفي ظرف رسمي وعليه ختم. واستأذنت مدير المعهد بالإنابة م....... حينذاك أن أرد عليه رسمياً وفعلت. وفيما يأتي الخطابان، وهناك خطاب ثالث مطول يحكي قصتي مع المعهد بالتفصيل. وفيما يأتي خطاب الدكتور المؤرخ في 18/11/1409 أي قبل نقلي إلى الرياض بخمسة شهور:

الأخ الأستاذ مازن بن صلاح مطبقاني هداه الله إلى ما فيه رضاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

       فقد أطلت قصتك الروائية مع المعهد، التي صنعتها بيديك ولسانك وفكرك! وقد أكثرت الحديث بما نرى أنه يُحرق صاحبه في الدنيا وفي الآخرة إلاّ أن يتغمده الله برحمته، وقد يُحرق أخاه الذي ادّعى عليه الظلم في الدنيا دون أن يعود عليه بالضرر في الآخرة إنْ هو صَبَرَ واحتسب! فقد تخيّلتَ الحسنات التي عملتُها وعملها المعهد لك سيئات! و تخيّلتَ المعروف إساءة، واتّهمتَ وظننتَ وتكلمتَ! ولا بد أن تنكشف الحقيقة إماّ في الدنيا أو في الآخرة، ولسنا مستعجلين! ويعلم الله إنك قد كذبت في ظنك واتهامك وفي دعاويك وفي موقفك! . وقد قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) فإذْ لم يتسطع الإنسان أن يَصْدُق كان يسعه أن يسكت ويكون مع الصادقين فينجوا بنجاتهم.
       والفطرة والمروءة تقضي أنْ لو صَدَقَتْ تهمةٌ مما ادعيتَ على أخيك أن يمنعك من محاسبته فيها معروف وسابقة له عليك، في حين أن شيئاً مما ادعيتَه وظننتَه ليس كما توهمتَ!

     وقد سكتنا طويلاً- عمّا تكلّمت فيه كثيراً وهدمتَ به خيراً كثيراً –وصلاً لما بدأنا به معك من إرادة الخير-يعلم الله-وأملاً في صلاحك، وليس لنا بذلك منّة عليك، لأن المقصود به وجه الله الكريم.

       وما أسأتَ به إلى شخصي فأنت منه في حِلٍ منّي-كما قلت لك غير مرّة- وأما ما أسأت به إلى المصلحة العامّة فسنقف به بين يدي الحَكَمِ العدل سبحانه، وأنا خصمك الشاهد عليك. ومن منافحتي عن هذا المعنى وعن عرضي. إن أردت الشفقة بمن يُصدّقك من الأصدقاء فإني أدعوك إلى أن تختار من تشاء-إن كنت رجل موقف-من أصدقائك المتحمسين لك في هذه القضيّة على أن يكون من تختاره عاقلاً مرتضى في ذلك، لأثبت لك أمامهم- إن كنتُ (يقصد كنتَ) رجلاً صادقاً أنك تكذب عنوةَ، وإن كان الفقهاء يرون أن العادة تَثْبُتُ بمرة واحد، فسأثبت لك مرات عديدة لم تتورّع فيها عن الكذب الصُراح، أمّا أنك تعقل أو لا تعقل فهذا لستّ مكلفاً بالتتبع وإبراء الذمة فيه لا آخذك أو لا أُآخذك.
والله الموفق والسلام عليكم ورحمة الله

أخوك رغم أنفك وإن تصورتني عدوّك


18/11/1409هـ
    وعلى جانب الصفحة كتب: عذراً فهذه مسوّدة الخطاب ، وليس لديّ وقت لتبييضه.



وأجبته بالآتي :

الأخ الدكتور ...... هداني الله وإياه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

       إشارة لخطابكم رقم 1245 في 18/11/1409هـ الذي تسلمته من الصادر العام للمعهد يوم 23/11/1409هـ بخصوص رغبتكم أن أختار حكماً بيني وبينك فإليك ردي على ما جاء فيه.
      فلم أكن سبباً في إطالة قصتي الروائية مع المعهد بقدر ما كان سعادتكم هو ناسج هذه القصة الروائية من أولها إلى آخرها والمتولي إخراجها وتنفيذها. وجميل أنك تذكرت العقوبة التي تحلُّ بمن يتسبب في أذية أخيه المسلم. وكما أنا في حاجة إلى تذكر ذلك فأنت في حاجة إلى تذكره. وقد كنت أود أن أذكِّرك بهذا الأمر من زمن طويل، ولكن خشيت أن تجعل تذكري لك إساءة تضمه إلى ما تتوهمه عنّي من إساءات. وأسأل الله أن يرزقني وإياك الصبر والاحتساب.


     أما ما مننت به عليّ مما عملته لي من حسنات، فإن كان لك حسنة فأسأل الله أن يجزيك عليها، وإن كنت أسأت إليّ فأسأل الله أن يجزيك بما تستحق. وأسأل الله أن يحق الحق ويبطل الباطل، وأن يكشف الحقيقة في الدنيا وفي الآخرة (ليهلك من هلك عن بيّنة، ويحيى من حيّ عن بيّنة)

     وقولك "ويعلم الله أنني قد كذبت في ظنى واتهامي وفي دعاواي وفي موقفي" فقد كنت أرجو أن تتكلم عن علمك لا عمّا في علم الله. والله يعلم السر وأخفى، ويعلم مكر الليل والنهار. ولو أردت أن أنتصف لنفسي في اتهامك إياي بالكذب وسوء الظن لأعدت لك مثل هذه التهمة الي هي في اعتقادي لا يداخلها شك، ولكني أربأ بنفسي وأخي أن أتهمه بمثل هذا الذي لا يتورع هو في كليه للناس جزافاً.

       وقولك "إنك سكتّ طويلاً وصلاً لما بدأت به من إرادة الخير، وأملاً في صلاحي، وليس لك بذلك منّة عليّ لأن المقصود به وجه الله الكريم" فأقول لأخي لقد مننت عليّ كثيراً حتى لم يبق مجال للمن، وما إخالني وإياك فيما تمنّ به عليّ إلاّ كما قال موسي عليه السلام لفرعون مع الفارق-(وتلك نعمة تمنها علي أن عبّدت بني إسرائيل) وأنت تعلم كم من الإهانات والإذلال والاحتقار وجّهتَه إليّ سراً وعلانية حتى اعتقدتُ أن صلاحي للمعهد مرهون بإهدار كرامتي وسفح آدميتي.

     ثم قلت في خطابك بأنّ "ما أسأت به إلى شخصك الكريم فأنا في حل منه" ولا أدري أين هذا مما صنعتَه وقمتَ به من كتابات رسمية للمسؤولين في الجامعة حتى وصل الأمر إلى تشكيل لجنة للتحقق من التهم والأقاويل التي ألصقتها بي وأصبحت حديث الناس ابتداءً من المعهد العالي بالمدينة وانتهاءً بوكيل الجامعة ومديرها. فأين هذا الحلُّ الذي تتكرم به عليّ؟

      وأما المصلحة العامة التي ألبستها آراءك الشخصية وأهواءك النفسية وجعلتها مطية لتحقيق رغباتك، فلست أراك حريصاً عليها إلاّ من خلال ما تحقق لك من علو وتجبر. ولو علم الناس فيك قبول الحق والنصح لسمعتَ منهم ما لا تحبُ أن تسمَعه.

    وأما دعوتك لي لاختيار من أشاءُ من أصدقائي المتحمسين لي في هذه القضية على أن يكون من أختاره عاقلاً مرتضى في ذلك إن كنتُ رجل موقف. فأقول لك لو كنت رجل صدق لصارحت نفسك بأنه قد كلّمك في هذا الأمر كثير ممن أعتقد أنهم ثقات عند الناس، ولا يزالون ترضى أقولُهم، ولكنك لم تقبل شيئاً من هذا وما زادك تكليمهم إلاّ إصراراً على باطلك وعبادة لهواك. ولا أطن أنني سأجد من تعدُّه عاقلاً مرتضى. ولكني أقول لك، وإن كان الأمر قد حسم بتشكيل اللجنة، وإن كنتَ صادقاً فيما تقول فاختر أنت من ترضاه حسب مقاييسك وأختار أنا من يرضاه الناس ليكونا حكمين بيني وبينك، وأنا على يقين أن النتيجة لن تكون مرضية لك أني عهدتك لا تحتكم إلى الحق والعدل، بل تحتكم إلى ما يرضي هواك علماً بان هذا مثل هذا الأمر قد فات أوانه.

     وأرجو أن أكوان بجوابي هذا قد حققت قول النبي صلى الله عليه وسلم (انصر أخاك ظالماً أو مظلوما. قالوا يا رسول الله ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ قال:( أن تردعه عن ظلمه)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مازن بن صلاح مطبقاني

26/11/1409هـ
تسلم الخطاب موظف الصادر والوارد في 28/11/1409هـ




 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية