البحرين ووصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه


     في أثناء تدريسي لمادة النظام السياسي في الإسلام (سلم 104) في جامعة الملك سعود كان من ضمن ما درسنا خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعدما تولى الخلافة، وكان من فقرات تلك الخطبة (ما شاعت الفاحشة في قوم إلاّ عمّهم الله ببلاء) وكنت ومازلت أتعجب لماذا يشير هذا الخليفة العظيم إلى قضية الفاحشة في أعظم مجتمع عرفته البشرية، إن هذا المجتمع كان من أبعد المجتمعات البشرية عن الفحشاء والرذيلة وإن كان الشيطان كما قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم (يجري من ابن آدم مجرى العروق) وهاهم الصحابة الكرام خرجوا إلى بلاد أخرى لم تكن الفضيلة بالمستوى الذي كان في المدينة المنورة، ولذلك كان ببعد نظره رضي الله عنه يحذر من الفاحشة.
     وهكذا كان الأمر حين جهز عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيش سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى القادسية وكان من وصاياه أن حذر من معاصي الجيش وأضاف (إنكم إن تساويتم أنتم وهم في المعصية غلبوكم بما يملكون من عدة وعتاد)

   وها نحن نعيش في مجتمعات علت فيها الرذيلة وصار لها أسواق وأسواق وإعلام ضخم جداً جداً، فماذا نحن فاعلون؟

      لقد مرت بخاطري كل تلك الأفكار وأنا في طريقي إلى البحرين وفي أثناء وجودي هناك وبعد عودتي من البحرين.

      ولكن ليست البحرين كلها رذيلة ولكن ما زلت أذكر عبارة ذكرها لي والدي رحمه الله وهي من ألفاظ حديث شريف (إنه لما شاعت الفاحشة في قرية فأمر الله بعذابها فكان فيها بعض الصالحين فكان الأمر فبهم فابدأ لأنه لم (يمتعر وجههم غضباً لله) وما زالت كلمة (يتمعر) ترن في أذني فهل أكون ممن تعمر وجهه غضباً لمحارم الله أو إنني من الساكتين؟ وهل تشاركوني في أن تتمعر وجوهنا غضباً لله أو نستمر في سكوتنا؟

     جاءتني رسالة جوال تقول جماعة في البحرين يريدون من يقدم محاضرة أو دورة في مخيم شبابي، فهل توافق، فأرسلت له (نعم نعم) ولم يكن المرسل  يعرف تلك الجماعة ولا أنا، فجاءني الاتصال فاشتريت التذكرة وقمت بالحجز وكان الموضوع الذي من المطلوب أن أتحدث فيه (الهوية والمواطنة) أو (الانتماء والمواطنة) وفي الحقيقة ليس ذهني أن أتحدث عن المواطنة وإنما الهوية والانتماء للأمة الإسلامية وليس لبلد مهما كان، وكان حدسي أن قضية المواطنة تستغل من بعض الجهات للحديث عن الولاء السياسي الأعمى..

      وشاء الله وسافرت إلى البحرين وكانت الرحلة في إحدى الطائرات المصنوعة في البرازيل..(متى يصنع المسلمون طائرة أو غير ذلك؟) (كانت إندونيسيا سادس دولة في صناعة الطائرات فقضي عليها بتلك الأزمة المالية المفتعلة) ووصلت الرحلة في موعدها أو حتى قبل الموعد بقليل، وظننت أني سأجد من يستقبلني ولكن كان علي أن أتصل بالأخ محمد الكعبي مسؤول العلاقات العامة في الجهة الداعية وهي جمعية الصف الإسلامي، وبعد انتظار نصف ساعة في المطار وصل الأخ الكريم.

       وضعت حقيبتي وعلّقت الثياب بناء على نصيحة أم هاشم حتى تبقى الثياب مكوية (ما تتمرمص – باللهجة المدينية- وسألت عن السوق فقيل لي بوابة البحرين وتوجهت إلى هناك وهذا حديث آخر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية