قصتي مع المعهد الطويلة


قصتي مع المعهد طويلة وفيها تفاصيل لا يتسع المجال لنشرها هنا، ولكن اليوم قرأت تعيين الدكتور صالح سعود العلي رئيساً لهيئة الرقابة والتحقيق وقد كان في تلك الأيام وكيل الجامعة للشؤون التعليمية، ولا أريد أن أقول رأياً في أدائه في تلك الأيام فقد أصبح في منصب كبير- يخشى، وإن كان الأولى أن لا نخشى إلاّ الله- وسأترك لكم أن تحكموا أنتم لا أنا على هذه الأيام العصيبة التي عشتها في المعهد العالي والسبب فقط أنني كنت أحب أن أعيش في جامعة جامعة وليس في جامعة لا تحترم الشورى العلمية وإنما يحكمها (ما أريكم ) وفيما يأتي الخطاب الطويل الذي بعثته إلى وكيل الجامعة وكان هذا في شهر 12 من عام 1409هـ

فضيلة وكيل الجامعة للشؤون التعليمية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد شرفني فضيلتكم بخطابكم الكريم رقم 48/6/س وتاريخ 16/11/1409هـ الذي فتح لي المجال لمخاطبة فضيلتكم شخصياً لتوضيح حقيقة مشكلتي مع فضيلة الشيخ عبد الله الرحيلي. ولقد كنت أفكر منذ فترة في مخاطبة فضيلتكم بهذا الأمر لكن كان يمنعني من ذلك عدة أمور منها:

1-             تجريم إدارة المعهد لأي اتصال خارجي أقوم به واعتباره نوعاً من التعالي وسوء الأدب، حديث ذلك معي عندما ألقيت محاضرة في النادي الأدبي بالمدينة المنورة( 19/7/1409هـ) وعندما كتبت لمجلة المنهل.

2 -تخويف كثير من الناس لي وتحذيرهم إياي استناداً إلى ما يتمتع به فضيلة الدكتور عبد الله الرحيلي من ثقة كبيرة لدى إدارة الجامعة فضلاً عمّا لديه من قدرة على قلب الأمور لصالحه بل لقد قال بعض الناس إن إدارة الجامعة لا يمكن أن تسئ إلى دكتور خدمها سنوات طويلة من أجل محاضر لا يعرفه أحد.

3 -حرصي على عدم إشغالكم بأمور نزغ الشيطان بيني وبين أخوتي لأنها لا ينبغي في نظري أن تصل إلى هذا المستوى. ولقد كنت أسعى إلى إنهاء الأمر بيني وبين فضيلة الدكتور عبد الله الرحيلي بصورة شخصية، ولذلك فقد حاولت أن أوّسِط بيني وبينه بعض الفضلاء الذين يوثق برأيهم ويعرفهم فضيلته حق المعرفة، ومن هؤلاء الدكتور موسى القرني الأستاذ بالجامعة الإسلامية والمتعاون مع المعهد، والدكتور حمزة زهير حافظ الأستاذ بالجامعة الإسلامية ورئيس هيئة الإغاثة بالمدينة، والدكتور عمر زهير حافظ الأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز وآخرهم أخي الأستاذ عبد الكريم المطبقاني المحاضر بالمعهد. وكل هؤلاء كانوا يخرجون من عند الشيخ عبد الله الرحيلي بدون جدوى بسبب إصراره على موقف واحد هو وجوب انتقالي من المعهد إلى أي مكان آخر وإلاّ فإنه سيقوم بفصلي من المعهد. وحرصاً منّي على عدم الدخول في خلاف مع الإدارة فقد حاولت الانتقال من المعهد مع يقيني الكامل بأنني لم أقترف جرماً، ولكن نزولاً عند رغبة الدكتور عبد الله الذي صرّح لنا في البداية أن بيده القدرة على فصلي من المعهد، بل إنه استدعى أخي عبد الكريم في شهر شعبان 1409هـ ليبلغه بأن المعهد قرر فصلي إذا لم أجد مكاناً أنتقل إليه، فتوجهت إلى الجامعة الإسلامية طالباً الانتقال إليها وقابلت عميد كلية الدعوة وأصول الدين، ورئيس قسم التاريخ بها ومضى شهر دون أن يأتيني من الجامعة الإسلامية شيء، وأكبر ظني والله أعلم وكما هو المعتاد أنهم سألوا عنّي الدكتور عبد الله فلم ينصحهم بذلك.


وفي يوم 20 رمضان استدعاني فضيلة الدكتور عبد الله الرحيلي بحضور وكيل المعهد الأستاذ مصطفى حلبي وقال لي لقد مضى أكثر من شهر ولم تنتقل وإني أعطيك مهلة أسبوع للانتقال وإلاّ أوقفت الإشراف على بحثك، وقال لي إن لديه مبررات كافية لوجوب فصلي من المعهد.

وفي يوم 19 شوال استدعى الدكتور عبد الله الرحيلي وأخبره بأنه لا بد أن أن أنتقل من المعهد أو أستقيل وفي حالة استقالتي سوف يساعدني مادياً حتى أجد عملاً آخر وإلاّ فإنه سيضطر إلى إيقاف الإشراف.

وفي 22 شوال كتب لي وكيل المعهد يذكرني بطلب الإدارة الانتقال من المعهد، ومنها بدأت المكاتبات الرسمية بيني وبين المعهد حتى وصلت إلى صورتها الحالية بتشكيل لجنة لسماع أقوالي فيما رفعه المعهد بشأني إلى الجامعة.

4 -الخلاف بيني وبين أخي الدكتور عبد الله الرحيلي خلاف شخصي حاول فضيلته أن يُلْبِسَهُ لباس المصلحة العامة، وأن يتخذ المصلحة العامة مطية لتحقيق رغبته المستميتة لإخراجي من المعهد بأي صورة ولو كانت غير شرعية، ولذلك فإنه حينما سأله الدكتور حمزة أثناء وساطته في الأمر هل لديه مستندات تعطيه الحق في فصلي من المعهد أجاب بأنه ليس لديه شيء من ذلك، ولكنه سيسعى من الآن للبحث عن مستمسكات ضدي. حتى قال له سعادة الدكتور حمزة هل ترى أن الغاية تبرر الوسيلة؟ وهذا هو السبب يا فضيلة الوكيل الذي جعلني أسلك مع إدارة المعهد سبيل المكاتبات الرسمية، بل إن المعهد صرّح في خطابه إليّ بأنه سيبدأ في تتبعي وتتبع أخطائي.

فضيلة وكيل الجامعة:

هذه الأمور السابقة كانت تمنعني من الكتابة لفضيلتكم شخصياً، أما وقد فتح فضيلتكم لي الطريق فإني أرى لزاماً علي أن أوضح لفضيلتكم ما أتعتقد أنه حقيقة وأستميح فضيلتكم العذر في الإطالة بما كنت أرى أنه لا داعي لإشغال وقت فضيلتكم به، ولكن الأمور سارت على غير ذلك والله المستعان.

فضيلة الوكيل:

قبل أن أعين محاضراً بالمعهد العالي للدعوة بالمدينة المنورة كنت أعمل في الخطوط السعودية بوظيفة مدير الاتفاقيات الثنائية وراتب قدره 13680 ريالاً بالإضافة إلى الميزات الأخرى مثل الراتب الإضافي وبدل السكن والإركاب المجاني والمخفض. وقد يسر الله تعالي لي طريق طلب العلم فحصلت على شهادة البكالوريوس من جامعة الملك عبد العزيز ثم الماجستير في عام 1406هـ وكان موضوع بحثي (جمعية المسلمين الجزائريين ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية 1349-1358هـ). وكانت في هذه الفترة مشاركات علمية تتمثل في الكتابة في جريدة المدينة المنورة وفي مجلة المجتمع الكويتية. ثم وجدت أن العمل الإداري لا يحقق رغبتي في مواصلة طلب العلم رغم العائد المادي الكبير فسعيت للالتحاق بإحدى الجامعات لمواصلة دراستي ونظراً لسُكنى والدي وأسرتي بالمدينة النبوية فقد تقدمت للالتحاق بالمعهد العالي للدعوة وبفض الله تعالى تم قبولي محاضراً بقسم الاستشراق بالمعهد. ولقد كانت فرحتي شديدة وأنا أرى طريق العلم يُفتحُ أمامي، وبدأت أبذلك كل ما في وسعي لمشاركة إخواني وأساتذتي في المعهد فيما يقومون به من أعمال، وفي الوقت نفسه أبذل كل ما في وسعي لتسجيل موضوعي لدرجة الدكتوراه وسط ارتياح كامل من فضيلة مدير المعهد الدكتور عبد الله الرحيلي والوسط العلمي في المعهد. ويكفي تدليلاً على ذلك قيامي لمدة سنتين بإدارة المركز الصيفي في المعهد العلمي، وتنفيذي لدورة في اللغة الإنجليزية التي توجت بخطاب شكر من فضيلة مدير المعهد (مرفق صورته)

ثم تقدمت بموضوع الدكتوراه حول الاستشراق الفرنسي وكنت أرى في ذلك تعمقاً في الخط الذي بدأته في درجة الماجستير ومع أن هذا الموضوع حظي بالارتياح التام من قبل القسم والأساتذة فيه إلاّ أنه لم يحظ بقبول فضيلة مدير المعهد، وما كان يدور بخلدي أن هذا الأمر سيكون منعطفاً خطيراً في طريقي يؤدي إلى عرقلتي وانحراف علاقتي مع مدير المعهد، وما كنت أتصور أن إصرار الطالب على بحثه وقناعته به وسعيه الحثيث من أجله يعتبر في نظر مدير المعهد تجعله يسعى لإعاقتي ومعاملتي معاملة غير عادلة مستعيناً في ذلك برئيس القسم الدكتور إسماعيل عمايرة. وما كنت أظن أن رغبة مدير المعهد تطغى على العلائق الأكاديمية والنظم الجامعية.

ففي أولى جلسات مجلس القسم في ربيع الأول 1407هـ طرح موضوع تخصصي في بحث الدكتوراه فأبديت رغبتي في مواصلة البحث في شمال أفريقيا والاستشراق الفرنسي، وقلت في تلك الجلسة عبارة أدبية هي من قبل المجاز الذي تعرفه العرب ولا تنكره وهي : "إنني إذا أخرجت من دراسة الشمال الأفريقي أكون كالسمكة إذا أخرجت من الماء" ومع ذلك وفي نهاية الجلسة قلت إنني على الرغم من أهمية التخصص فإنني على استعداد للكتابة في أي موضوع يختاره لي القسم. وبعد نقاش طويل حول أهمية الموضوع وموافقته لسياسة القسم والمعهد طلب الدكتور عبد الله الرحيلي التصويت بصورة: هل يواصل مازن البحث في شمال أفريقيا أو لا؟ وكانت النتيجة أن صوّت جميع الأعضاء بالموافقة فما كان من فضيلة الدكتور عبد الله إلاّ أن التفت إلى وكيله الأستاذ حميد وقال له حتى أنت يا حميد! وقال للمجلس كأن مازن قد اتفق معكم قبل الاجتماع. وكان وكيل القسم حينذاك إسماعيل عمايرة هو الذي يدون المحضر فلم يذكر هذا النقاش ولا نتيجة التصويت التي تمت في المجلس على الرغم من أن ذلك قد استغرق وقتاً طويلاً. وطلب مني في نهاية الجلسة إعداد خطة البحث والاستعداد لتقديمها في ندوة عامة لأساتذة القسم وطلبته.

وفي يوم 28/6/1407هـ قدمت الموضوع في ندوة عامة للقسم أساتذة وطلاباً ودار نقاش حول الموضوع بعدها قرر فضيلة الدكتور عبد الله تشكيل لجنة لمساعدتي في صياغة الخطة وبلورة الموضوع. وكانت هذه الندوة الوحيدة التي عقدت في المعهد لهذا الغرض على الرغم من أنه قُدّمت بعد ذلك أكثر من خطة بحث ووصلت إلى مجلس المعهد. واستدعتني اللجنة لمناقشتي في الموضوع وطرح علي الأستاذ سعيد الصيني أن يقتصر بحثي على الاستشراق الفرنسي ومدارسه، فأخبرته أن هذا يخالف قرار مجلس القسم، واستغرقت اللجنة في عملها أكثر من شهر قدمت بعدها محضراً(مرفق صورته وبدون تاريخ) فأفدت مما توصلت إليه اللجنة في صياغة خطة قدمتها للقسم في جلسته التي عقدت في 16 شعبان 1407هـ (مرفق صورة من عنوان الخطة) وفي هذه الجلسة التي حضرها فضيلة مدير المعهد حينذاك وكتب أبواب وفصول الرسالة بخط يده (مرفق صورة منه) ومع ذلك كونت لجنة لمساعدتي في كتابة الخطة قبل عرضها على مجلس المعهد وكان من أعضاء اللجنة دز أبو الفتح ود. إسماعيل عمايرة والأستاذ عبد العزيز محويتي الذي اعتذر عن الحضور. وعرضت الخطة على مجلس المعهد في أوائل رمضان 1407هـ فكونت لجنة وكلفتني اللجنة بالاتصال بالدكتور أحمد الخراط لوضع الخطة في صورتها النهائية لتقدم لمجلس المعهد. وما كنت أظن أن الهدف من تشكيل هذه اللجان المتعددة التي لم تعمل لأحد قبلي عرقلة موضوعي وتأخير البت فيه لأنه لم يناسب فضيلة الدكتور عبد الله الرحيلي، ولم أتيقن ممن ذلك إلاّ بعدما صرّح لي الدكتور الرحيلي بأنه ما شكل هذه اللجان إلاّ لكي يبعدني ويصرفني عن هذا الموضوع.
وقدمت الخطة إلى مجلس المعهد في التاسع من رمضان 1407هـ وكان الدكتور الرحيلي سوف يسافر بعد أيام فحث الأستاذ حميد وكيل المعهد على عقد جلسة ومناقشة موضوع بحثي وبالفعل اجتمع المجلس في 13 رمضان 1407هـ وأقرت الخطة، وقد أبلغني بذلك شفوياً كل من الأستاذ حميد وكيل المعهد ورئيس الجلسة، وكذلك الدكتور أحمد الخراط، وقد وافق المجلس على أن يكون الدكتور محمد عثمان مشرفاً مؤقتاً حتى يعود . عبد الله الرحيلي فيختار مشرفاً رسمياً على البحث، مع العلم بان اختيار المشرف الرسمي من اختصاص مجلس القسم.
وعاد الدكتور عبد الله فقابلته برفقة الدكتور محمد عثمان وهنا وافق الدكتور عبد الله على ابتعاثي لدراسة اللغة الفرنسية، وطلب من رئيس القسم (د. محمد عثمان) أن يكتب له خطاباً يطلب ابتعاثي لهذا الأمر. وجعل الدكتور عبد الله شرطاً للبعثة أن أفكر في أثناء دراسة اللغة الفرنسية تغيير الموضوع وجعله مقتصراً على الاستشراق الفرنسي ومدارسه، وهنا تذكرت طلب الأستاذ سعيد الصيني الأمر الذي يدل على أن اللجان تأخذ تعليمات من فضيلة المدير، وإن خالفت قناعة المجالس العلمية وقراراتها. وسافر الدكتور محمد عثمان في الإجازة الصيفية وبقيت أنتظر إشعاري بموعد سفري إلى فرنسا ولكن دون جدوى، وفي هذه الأثناء بدا لفضيلة مدير المعهد أنني يجب أن لا أسافر إلى فرنسا حتى أبقى بجوار والدي(*)علماً بأن هذه مسألة عائلة لا دخل للمعهد بها. ومع ذلك كلمت والدي في الأمر فزار المعهد وأبلغ الدكتور الرحيلي بأنه ليس في حاجة إليّ وأنه لا يقف عائقاً أبداً في طريق إكمال ابنه تعلميه، وبخاصة بعد أن لاحظ معاناتي حتى أقرت الخطة.

لم يكن السفر إلى فرنسا هو العقبة الوحيدة في ا لموضوع فقد كان للدكتور عبد الله شروط في المشرف منها :
1-
أن يكون من جامعة الإمام محمد بن سعود لوجود عقبات مالية ولأنها رسالة الدكتوراه الأولى في القسم

2 -أن يكون متديناً ومستقيماً وصاحب خلق وتقوى، مع العلم بأنه تأكد لي أنه ليس في لائحة الجامعة ما يمنع الإشراف من خارجها، بل قد فعل ذلك الدكتور الرحيلي حين أسند الإشراف على بحثي الثاني إلى الدكتور جميل المصري الأستاذ بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. وكنت قد بدأت البحث عن مشرف يناسب فضيلة مدير المعهد فأحضرت موافقة من الدكتور الحبيب الهيلة أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة أم القرى والمعروف عنه اهتمامه بالاستشراق الفرنسي، ولكن فضيلة مدير المعهد لم يهتم بالموافقة لأنه اتخذ قراره برفض هذا الموضوع كما سيأتي.

وناقشت الدكتور عبد الله في النقطة الثانية من شروطه بأن ذكرته بالطلاب الذين يدرسون في أوروبا وأمريكا من يكون المشرفون عليهم، وذكرت له إن الجامعة تضطر أحياناً إلى التعاقد مع من ليسوا أصحاب فكر إسلامي، وضربت له المثل بما عرفت عن بعض أساتذة المعهد، فرأى أن نقاشي له تجرؤ على مقامه وسلطانه وحاول أن يسكتني لأنه اعتبر نقاشي له تطاولاً وغروراً وتكبراً.



ولاحت فرصة للدكتور عبد الله حينما كنت ادرّس مادة السيرة النبوية وفي 12ربيع الأول 1408هـ كان لي لقاء مع الطلاب فحدثتهم عن الاحتفال بهذه المناسبة (مناسبة المولد) وعرضت موقف السلف من هذه البدعة، وعرضت آراء من يؤيدها عملاً بالمنهج القرآني من عرض عقيدة الكفار والرد عليها ودحض حججهم،و قد أساء بعض الطلاب الفهم فعدت إليهم في المحاضرة التالية من تلقاء نفسي لأوضح لهم هذا اللبس، وأني لا أؤيد الموالد ولا أحضرها بله أقيمها. ولكن الدكتور عبد الله رأى أن يستغل هذا الموقف فيوجه إليّ إنذاراً رغم اعتراض فضيلة رئيس قسم الدعوة الدكتور علي بن سعيد الغامدي الذي كان قد حصل التفاهم معه بشأن هذا الأمر. وقد احتوى الإنذار على مغالطات أبينها لفضيلتكم فهو يقول في إنذاره:" وقد رأينا لفت نظرك لهذا تحريرياً بعدما سبق من نصحك أخوياً فلم يتحقق ما نرجوه من ذلك" علماً بأنه لم يحدثني قط ولم ينصحني مرة واحدة في مسألة المولد- وما كنت بحاجة إلى نصيحة-. أما قضية التخصص التي أقحمها في هذا الإنذار فإنه لم يقل لي قط مرة واحدة إن اختياري البحث في الاستشراق الفرنسي مخالف للأنظمة الجامعية ومصلحة المعهد والعلائق الأخوية. لقد أخذ الموضوع مساره الطبيعي في المجالس واللجان وأُقِر. فهل يُقَرُّ وهو كذلك؟ بل إنه زيادة على ذلك زوجني بإفادة حين سافرت إلى الجزائر في شهر ذي الحجة 1407هـ (مرفق صورة منها) وبعد هذه الفترة الطويلة التي تزيد عن سنة كاملة وبعد أن تأكد لي أن الدكتور الرحيل معارض لموضوعي ويتخذ كافة الوسائل والمكائد لعرقلتي مخالفاً بذلك القواعد والنظم الجامعية ومتعمداً الوقوف في وجهي بدون وجه حق، ونزولاً على نصح الكثير من الزملاء والأساتذة الفضلاء الذين أكدوا لي أنه لا يمكن أن يتم شيء إلاّ برضى الدكتور الرحيلي سواء كان ذلك موافقاً للأنظمة أو مخالفاً لها. بدأت حينئذ التفكير في موضوع يناسب فضيلة مدير المعهد.

فتقدمت لمجلس القسم بثلاثة موضوعات (مرفق صورة منها) فاختار المجلس أحدها دون أن أبدي رأيا في تفضيل أحدها، وكان هذا في نظر فضيلته مدير المعهد "من علامات التوبة" كما قال ذلك أمام الدكتور محمد عثمان. وزيادة في معاملتي معاملة مختلفة طُلِبَ إليّ أن أعدورقة حول هذا الموضوع لتقديمها لمجلس المعهد لإقراره(مرفق صورة منها) وهذا ما لم يحدث مع أحد غيري من المحاضرين في القسم. وبالفعل أَقرّ مجلس المعهد عنوان الموضوع، وبدأت في إعداد الخطة، وكان ذلك في شهر ربيع الثاني 1408هـ وخلال ثلاثة أشهر فقط استطعت تقديم خطة البحث إلى مجلس المعهد الذي أرها في 26/7/1409 بجلسته الثامنة(صورة من غلاف الخطة) وقد اختار مجلس المعهد دون ترشيح من مجلس القسم الدكتور جميل المصري من الجامعة الإسلامية مشرفاً على الرسالة مخالفاً بذلك الشرط الأول الذي وضعه مدير المعهد حين أقرت خطتي للبحث الأول.

أرجو أن يعذرني فضيلتكم أن أطلت في هذه القضية فهي كما قلت آنفاً المنعطف الخطير الذي أصبح يحكم علاقاتي بفضيلة مدير المعهد. ولكن ما في النفوس لم يستطع الموضوع الجديد أن يزيله وبخاصة أن رئاسة القسم قد تولاها الدكتور إسماعيل عمايرة ابتدءاً من هذا العام الدراسي المنصرم، والدكتور عمايرة – ولا أقول إلا بما علمت والله حسبي- لا يحب أن يرى طالباً سعودياً يتقدم في عمله. فما أن عدت من رحلتي العلمية وقدمت نتائجها في ندوة حتى انفض عليّ في تلك الندوة يحقر من شأن ما قمت به في تلك الرحلة ويلوم، فطلبت إليه أن يكون مثل هذا النقاش في مجلس القسم. وأتيت إليه بعد أيام ولكنه رفض أن يستمع إليّ ، وزيادة على ذلك استدعاني إلى مكتبه بعدها ونهرني وأغلظ لي القوم وهددني بوقف التعامل الأخوي معي وتحويل كل تعامل معي إلى تعامل رسمي. فذهبت أشكو لفضيلة مدير المعهد، ولكنه يبدو لقرب منزله ومنزلته من مدير المعهد أسرع فأوغر صدر المدير ضدي حتى إنني خرجت من تلك الجلسة بورقة صغيرة بخط فضيلة مدير المعهد (مرفق صورة منها) تحمل اتهامات خطيرة هي:

1 -التعامل بوجه واحد في السر وفي العلن

2- سوء الظن

3-الغيبة

4-الكِبر.


5- التنكر للجميل


6 -عدم الحرص على مصلحة المعهد

7-عدم مراقبة الله في هذه الأمور.

         وإمعاناً في الكيد لي ومحاولة تحجيمي وإبعادي عن أي نشاط فقط أوقفت عن التدريس في الفصل الدراسي الثاني لعام 1409هـ حتى إن المواد التي كنت أدرسها ولها علاقة بتخصصي مثل سير الدعاة والمحتسبين في العصر الحاضرة أعطيت لمحاضر في قسم الإعلام تخصص في الإعلام في المرحلتين الجامعة والدراسات العليا، وأنيط تدريس السيرة والشمائل بوكيل المعهد الأستاذ مصطفى حلبي وهو المتخصص في اللغة الإنجليزية وليس له إلاّ بحث الماجستير التكميلي في السيرة. وليؤكد رئيس القسم هذا الأمر وجّه خطاباً للمحاضرين والمعيدين يطلب منهم العمل يومياً من الساعة الثامنة والنصف صباحاً حتى الواحدة – دون تحديد الفترة- للقيام بتنظيم المكتبة وتقديم بعض الأعمال العلمية، ولم يذكرني مرة واحدة في هذا التعميم. وقد علمت من لائحة الدراسات العليا أن مجلس القسم هو الذي يكلف الأساتذة والمحاضرين والمعيدين بالعمل. ولكن رئيس القسم رأى نفسه القسم كله. وحتى الإشراف على نشرة أضواء أوكلها إلى الأخ مصطفى حلبي (وكيل المعهد) زاعماً أن له خبرة سابقة في هذا المجال وهناك من هو أكثر أهلية لهذا الأمر.

       لم يكتف رئيس القسم بهذا بل إنه تقدم إلى مجلس القسم يقترح تغيير موضوعي لبحث الدكتوراه بعد أن أمضيت حوالي ستة أشهر بأن لا يقتصر بحثي على المستشرق برنارد لويس بل أبحث في مستشرقين آخرين. ولكن أحد أعضاء مجلس القسم تكلم متعجباً من هذا الموقف قائلاً إنه لا ينبغي لمجلس علمي أن يقترح على الطالب تغيير بحثه دون علمه ودون علم مشرفه، فهما وحدهما اللذان لهما الحق في ذلك وطُوي الموضوع.
وبعد ذلك أقام المعهد دورة تدريبية تثقيفية لبعض منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمدينة المنورة فاستبعدت من المشاركة كليا مع مشاركة غيري ممن هم أقل مني خبرة ونشاطاً.
ولما رأت مجلة المنهل أن تصدر عدداً سنويا ً متخصصاً عن الاستشراق ودعا رئيس القسم جميع الأعضاء للمشاركة ولكنه في خطاب وجّهه إلى رئيس تحرير المجلة طلب منه توجيه خطابات استكتاب إلى عدد محدد من الأساتذة من بينهم معيدَيْن بالقسم لمّا يحصلا بعد على درجة الماجستير، وليس لهما مشاركات علمية سابقة ترشحهما لهذا الأمر، واستبعدت كلياً. ولمّا كان لدي بحث جاهز عن الاستشراق الفرنسي في المغرب العرب بعثته إلى المجلة. وبدلاً من أن يهتم رئيس القسم بتقويم مشاركتي من الناحية العلمية راح يثير قضية بخصوص اتصالي بالمنهل مع أنني أم أسع إلى أن يهتم المنهل بشخصي، وأرفق لكم صور خطابات رئيس تحرير المنهل التي تؤكد على حرصه على مساعدتي لهم. ولتأكيد إنكاره لمساهمتي فإنه قرر عقد ندوة لتقويم هذا العدد وصرّح في بداية الندوة بأن التقويم سيكون للنصف الأول من العدد وهو النصف الذي يضم مساهمته ومساهمة مدير المعهد السابق ووكيل المعهد الحالي. أما النصف الثاني الذي يقع فيه بحثي فليكن في وقت لاحق، ولو كان منصفاً لكان التقويم للعدد كله وليتحدث كل أستاذ برأيه في البحث الذي يختاره.
ومن وسائل رئيس القسم وبالتشاور مع فضيلة المدير السابق للمعهد منعي من أي نشاط علمي إذا استطاعوا؛ فقد تقدمت إلى رئيس القسم راغباً في عرض فكرة عن رسالة ماجستير قمت بترجمتها من الإنجليزية حول التنصير في الخليج العربي وهي دراسة وثائقية أعدها طالب أمريكي في جامعة برنستون بأمريكا. وبعد أن وافق رئيس القسم رجع فبدأ يماطلني وفي كل أسبوع يطلب مني أن نؤجل الموضوع حتى صرح مدير المعهد السابق إنه لا يريد لي المشاركة في أي نشاط.

فضيلة الوكيل

هذه هي قصة مشكلتي مع فضيلة المدير السابق الدكتور عبد الله الرحيلي وهو شيء قليل مما عانيته من تعنت وتجبر يعاونه في ذلك رئيس القسم الدكتور إسماعيل عمايرة الذي يتصرف وكأن بقاءه في المعهد مرهون بتأييد الدكتور الرحيلي ومسايرته له في تنفيذ ما يريد وعرقلة المحاضرين السعوديين في بحوثهم العلمية.

فضيلة الوكيل

كنت أظن أن مشكلتي مع الدكتور الرحيلي ستنتهي بتغيير موضوع البحث إلى النحو الذي يريده هو، ولكن تبين لي أن الدكتور الرحيلي قد أخذ على عاتقه مهمة إبعادي وتطهير المعهد مني سب رأيه. وتنفيذا لهذه الرغبة فإنه قد صرح لكثير من الناس الفضلاء بأنه لا بد من فصلي أو استقالتي أو انتقالي من المعهد كما سبق أن وضحته. فلماّ لم يحدث شيء من ذلك عمد إلى الوسائل التالية بواسطة وكيل المعهد الحالي:

1-             خطاب رسمي بتاريخ 22/10/1409هـ طالباً مني الانتقال من المعهد، وقد أجبته على ذلك رسمياً بأني لا أود الانتقال ولم يسبق أن طلب مني رسمياً ذلك.
2-
خطاب رسمي بتاريخ 26/10/1409هـ يطلب منّي المثول أمام لجنة من قبل المعهد لسماع أقوالي. وقد أجبت على ذلك بطلب تزويدي بصورة مما رفعه المعهد بشأني لإدارة الجامعة لأتمكن من المثول أمام اللجنة.

2-             خطاب رسمي برقم 1186في 4/11/1409يسألني عن سبب عدم حضوري لمقابلة اللجنة مع أن السبب معروف لديه مسبقاً وهو طلبي معرفة ما نسب إليّ لأتمكن من الإجابة عليه.

3-             خطاب بعنوان "تنبيه" برقم د/1218في 4/11/1409هـ يتضمن اتهامات باطلة لي، وأن المعهد لا مصلحة له في استمراري فيه، وأن المعهد سيسجل علي كل أخطائي ، وقد أجبت على ذلك وطلبت من سعادة وكيل المعهد إفادتي عن بعض الأمور التي تضمنها الخطاب، ولكنهم مع الأسف لم يتكرموا بتوضيح الأمر لي إلى الآن، وأهملوا ما طلبت توضيحه.

4-             خطاب بقبول اعتذار المشرف عن الاستمرار في الإشراف على رسالتي للدكتوراه، وأن المعهد لا يرغب في البحث عن مشرف آخر، فأجبته بأنهم هم المسؤولون عن ذلك.

فضيلة الوكيل

هذا هو الكيد الذي قام به فضيلة الدكتور الرحيلي ومن معه ضدي، وقد بينت للجنة الموقرة التي شكلت من قبل فضيلتكم موقفي مما نسبه المعهد إليّ. أما شكواي من الدكتور الرحيلي وأعوانه في المعهد وهما رئيس القسم الدكتور إسماعيل عمايرة ووكيل المعهد الأستاذ مصطفى حلبي فإني أرفعها لفضيلتكم وكلي أمل أن أحد لدى فضيلتكم العدل والإنصاف وإيقاف المعتدي عند حدّه وتتلخص فيما يأتي:

أولاً: عرقلتي دراسياً وإقامة العقبات في طريق إتمامي لدراستي

ثانياً: عدم تدوين محاضر الجلسات التي يعرف فيها ما يتعلق بموضوعي.
ثالثاً: إلزامي بأشياء لم يلزم بها أحد من قبلي ولا بعدي كما شرحت سابقاً من حيث تشكيل اللجان المتعددة وتقديم التقارير والندوات في الوقت الذي تسهل فيه إجراءات التسجيل لبعض الزملاء.

رابعاً: عدم إشراكي في الأنشطة العلمية وإبعادي عن النشاطات التي يقوم بها القسم.
خامساً: إيقاف الإشراف على رسالتي دون مبرر بعدما تعرضت له من العراقيل والعقبات.
سادساً: إهانتي والقدح في عرضي بإلصاق الأوصاف الذميمة بي التي لا تليق بمسلم ثم طلب انتقالي من المعهد شفوياً ورسمياً.

سابعاً: تتبع عثراتي ورصد أخطائي وتصرفاتي وهذا دليل على ما يمارس ضدي من مكر وكيد.
ثامناً: عدم الإجابة على الخطابات التي أرسلتها لفضيلة وكيل المعهد وإهمال استفساراتي وتجاهلها.
وهذا قليل من كثير اقتصرت فيه على الأشياء التي توجد لدي عليها أدلة ظاهرة، أما ما يدبر في الخفاء مما يصلني خبره ويصعب إثباته فأكل الأمر فيه إلى الله وهو حسبي ونعم الوكيل.
وفقكم الله ورعاكم

المحاضر بقسم الاستشراق

بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة
مازن بن صلاح مطبقاني

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية