الزواج مثنى وثلاث ورباع -الشروط والضوابط


بسم الله الرحمن الرحيم

 

مقدمة :

الحمدلله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فالإسلام كله خير ، وكيف لا وهو النعمة التي أتمها الله على عباده بقوله تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً[ ([1]) . ولما كان الإسلام قد اكتمل ورضيه الله لعباده ديناً فكيف لبشر مهما أوتي من قوة الذكاء والعقل أن يقول برأيه في أحكام هذا الدين .

وتعدد الزوجات من بين تلك الأحكام التي أمر بعض البشر أن تكون كلمتهم هي النافذة فيها، وهي مسألة إن لم تكن أخطر المسائل فإنها من أخطرها . وليس الزواج بأكثر من واحدة مسألة جديدة فقد حاربته أوروبا في عصر "النهضة الحديثة" حينما اتفق رجال الدين عندهم مع رجال القانون المدني الوضعي على إلغاء حق الرجل في الزواج بأكثر من واحدة مهما كانت الأسباب والدوافع .

وحينما خرجت أوروبا من نطاق حدودها الجغرافية لتهيمن على معظم أرجاء العالم الإسلامي مبتدئة بالسيطرة العسكرية والسياسية والاقتصادية، حيث سلبت الشعوب الإسلامية قدرتها على حكم نفسها واستغلال ثرواتها. وتحول الاستعمار فيما بعد إلى سيطرة على كل شؤون الحياة حينما استسلم العالم الإسلامي لحالة التبعية المطلقة ورضي أن يكون في وضع ((المغلوب المغرم دائماً بتقليد الغالب)) . وهذه هي المرحلة التي تكون فيها الأمة مغزوة في عقيدتها وفكرها .

وكان مما تأثرنا به أن أصبحنا نستهجن تعدد الزوجات كما يستهجنونه ، وأن نأكل الربا كما يأكلونه ، وأن نستخف بالزنى والخنا كما يفعلون إلا من رحم الله .

اعلم أن موضوع تعدد الزوجات ليس جديداً في تناوله من وجهة النظر الإسلامية، فثمة عشرات الكتب التي تناولته، لمنها اختلفت مستوياتها في درس هذا الموضوع حتى لجأ بعض الكتاب إلى أسلوب الدفاع والتبرير. وهذا الأسلوب يضطر أصحابه إلى الوقوف موقف الضعف، والإسلام دين القوة لأنه موصول بالله عز وجل السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر .

وما تناولنا لهذه القضية بأسلوب الجدل العلمي المنطقي لأنه لا يشغل بالنا إلا هي ، ولكن لتكون مدخلاً لنا لنأخذ الإسلام كلاً لا يتجزأ ، ولنضع مسألة التعدد في إطارها الصحيح من بناء الإسلام الكامل الشامل ، ولأن أعداء الإسلام يتناولون جزئيات صغيرة ويكيلون الهجوم للإسلام وأهله .

ومنهج هذا البحث في الوصول إلى هدفه يبدأ بتمهيد يشير إلى العقيدة والأخلاق كأساس للتشريع الإسلامي بصفة عامة ولتشريع التعدد بصفة خاصة ، وليعلم الناس أن لاخيار لهم فيما شرع الله ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم[ ([2]) ، وإلى فصلين أولهما تمهيدي فيه إشارة إلى العقيدة والأخلاق ثم العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع الإسلامي ونظرة الإسلام إلى الزواج. والفصل الثاني عن الزواج بأكثر من زوجة وفقاً لهذا البناء المتكامل.

ومن حق القاريء أن أوضح له معنى عنوان هذا البحث ، فقد عدلت عن كلمة (تعدد) لأنها مصطلح غير إسلامي ؛ فهذه اللفظة مأخوذة عن الإنكليزية (Pologymy) وإنما الزواج في الإسلام محدد بأربع مثنى وثلاث ورباع أو واحدة.

أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه وأن ينير بصائرنا ويجنبنا الزلل وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، والحمدلله رب العالمين.

 

                                                             مازن مطبقاني

                                                              المدينة المنورة

                                                         في 18/11/1411هـ




([1]) سورة المائدة ، آية (3) .
([2]) سيد قطب، في ظلال القرآن م1  ص 582 – 583 .
سورة الأحزاب ، آية (36) .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية