يا راتب الزوجة يا سبب المشاكل..!
يحكى
أن الثعلب كان يمر بحمامة كلما فقس البيض وأصبح لديها عدد من الأفراخ يأمرها أن
تلقي بأفراخها إليه وإن لم تفعل فإنه سوف يصعد الشجرة ويلتهمها وأفراخها. فكانت
تخاف منه وترمي إليه ما أراد. وكانت ذات يوم تجلس في عشها واجمة حزينة فمر بها
مالك الحزين وسألها عن سبب حزنها فأخبرته بخبر الثعلب فقال لها إن عاد إليك مرة
أخرى فلا تعطه شيئاً وقولي له أن يصعد الجرة إن استطاع.
وأصبح
للحمامة أفراخ وجاء الثعلب وأمر الحمامة بأن تلقي له أفراخها. فرفضت وقالت له أن
يصعد الشجرة إن استطاع. فعرف الثعلب أن الحمامة تلقت نصيحة من أحد ما فسألها وكيف
عرفت أنني لا أستطيع الصعود فذكرت له زيارة مالك الحزين فسألها أين أجده فقالت هو
على شاطىء البحر. فذهب إليه وقال له يا مالك إن أتتك الريح من يمينك فأين تضع رأسك
فقال تحت جناحي الأيسر ، فقال وإن جاءت من اليسار فقال مالك الحزين تحت الجناح
الأيمن ، وهنا قال الثعلب فإن أتتك من كل مكان قال أفعل هكذا ووضع رأسه بين جناحيه
فانقض الثعلب عليه وقال له هذا جزاء من يسدي النصيحة لغيره وينسى نفسه.
تذكرت
هذه القصة وأنا أقرأ في صحيفة الاقتصادية (3ذو الحجة 1419هـ) عن الزواج من النساء
الموظفات وقضية راتب الزوجة وتسببه في طلاق كثير من النساء حتى إن الصحيفة تقول إن
سبعين في المائة من حالات الطلاق سببها راتب الزوجة. وقد سئل العلماء والمشايخ عن
حق الرجل في رابت الزوجة وكان الرد أنه لا حق للزوج في راتب زوجته. أما ما يقال
إنها تنشغل عنه بسبب الوظيفة فمن حقه بعض التعويض فأمر يحتاج إلى بحث وتمحيص. ولكن
الحقيقة أننا في واقعنا اليوم نجد موظفات (وبخاصة مدرسات) يقدمن الراتب كلَّه
للزوج بمجرد الحصول عليه. وهناك عبارة شائعة عند هؤلاء النساء أنهن يسلّمن الراتب
بالمطاط (اللستك) بمعنى أن الزوجة موظفة لصالح الزوج. إنها لا تعطيه الراتب قناعة
أن الراتب من حق الزوج ولكنها تخاف منه كما كانت الحمامة تخاف من الثعلب حتى جاء
مالك الحزين.
ومن
العجيب أن بعض الأزواج يأخذ هذا الراتب فيتقوى به ويبني له بيتاً ويؤثثه ويشتري
السيارة ويعيش في رغد من العيش حتى إذا مرت سنوات وأصبحت جيوبه مليئة بالأموال ذهب
وتزوج أخرى ولم يحفظ الود للزوجة الأولى بل قد يطردها من بيته ويتركها كما دخل بها.
فأي وفاء هذا أيها الرجل إن رجالاً يفعلون مثل هذا الأمر لا يستحقون أن تحزن عليهم
النساء أو يتأسفن على ما مضى من أعمارهن.بل عليهن أن يفرحن بالخلاص والنجاة من رجل
كهذا.
إن
الزوج الذي يطلق المرأة لأنها لا تعطيه الراتب ليس بزوج ولا يستحق أن تأسى عليه
المرأة أو تتمسك به. إن الإسلام تناول هذه القضية
في قوله تعالى (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً فاصطلحا والصلح خير) وقال
العلماء الصلح أن تعطيه مبلغاً من المال.. فهل يمكن أن يكون هذا المبلغ من المرأة العاملة
شهرياً على أن يتكفل الزوج بالمصروفات الأساسية للمنزل من طعام وشراب وكسوة وضيوف
شريطة أن لا تقوم المرأة بالإنفاق على الأسرة في الكماليات أو حتى الأساسيات
لتشارك الرجل في القوامة فيلجأ الأطفال لأمهم لتشتري لهم كذا وكذا فيصبح للسفينة
ربانين بدلاً من ربان واحد.
ونعود
إلى المرأة العاملة بالقول إن المرأة في السابق حين كانت تعمل لم يكن لها دوام عمل
يشبه دوام الرجل بحيث تخرج حين يخرج وتعود قبل أن يعود أو بعد أن يعود. إن الزوجة
يمكن أن تعمل بعد أن يخرج الزوج وتعود إلى المنزل قبله على أن تضمن أن أمور
المنـزل تسير بطريقة معقولة. كما أود أن أضيف هنا أنه حبذا لو تقدم إلينا علماء
النفس بدراسات حول خروج المرأة اليومي ولسنوات عديدة ما نتائجه هل يؤثر ذلك في
أنوثتها أو التركيب الهورموني لديها. إن كثيراً من الرجال الذين يعيشون مع زوجات
عملن لعشر سنوا ت أو أكثر يلاحظون أن المرأة بعد هذه السنوات ليست كالمرأة ربة
المنـزل والمتفرغة للأطفال ولحياتها الأسرية.
إن
راتب المرأة وعملها قضية كبيرة وقد أصرت إحدى الموظفات في شركة الببسي كولا وقد
كانت في مركز تنفيذي كبير أن تترك الوظيفة وتستقيل للتفرغ لأسرتها وقد حاولت
الشركة إغراءها بالمال والترقيات لتبقى في العمل فأصرت على العودة إلى البيت. وهذه
المرأة أم لثلاثة أطفال ولم تتجاوز الأربعين وعلى قدر من الجمال. وهناك أمثلة
كثيرة في المجتمعات الغربية التي تسعى المرأة فيها أن تعود إلى المنزل لتحافظ على
توازنه واستمراره.
إن
مسؤولية المحافظة على الأسرة مسؤولية مشتركة وإن راتب الزوجة يمثل مشكلة وبخاصة
إذا أنفقت على البيت والأولاد وأخذت تستخدم هذا الإنفاق سلاحاً للمن على الرجل
واستخلاص بعض الصلاحيات منه. إن مثل هذه القضايا تحتاج إلى دراسات اجتماعية شاملة
وإن كانت من الصعب أن تخضع لتصنيف واحد. فبعض الرجال يقنع بالقليل وأن تسد الزوجة
عنه بعض الثغرات وبعض الأزواج طمّاع قليل الوفاء شديد الشره للمال لا يقنعه إلاّ
الكثير. وبعض الأزواج بحاجة حقيقية للمساعدة وهذه الحالة ينطبق عليها ما فعلته
زينب زوجة أحد الصحابة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستشيره في دفع
صدقة مالها لزوجها فقال أي الزيانب؟ فإن كانت الزوجة تتصدق ببعض مالها خارج الأسرة
فمن باب أولى أن تنفق بعض المال على البيت لا خوفاً من الزوج أو شفقة أو للمن
عليه.والله الموفق.
تعليقات
إرسال تعليق