إلى متى هذا النزيف أو الاستنزاف؟ أفكار اقتصادية


                                
          لاشك أن عدد السيارات لدينا كبير جداً يؤكد هذا ما نراه من الاختناقات المرورية في أثناء أوقات الذروة في الصباح والمساء. وقد طُرِحت فكرة إنشاء مجمعات لتصنيع قطع الغيار في بلادنا بدلاً من شرائها من مصنّعي السيارات الذين يضعون أسعاراً عالية لقطع الغيار أو إن مستوردي قطع الغيار هم الذين يرفعون أسعار هذه القطع. لكن إذا تعطلت السيارة أو لم تتوفر قطع الغيار الأصلية فإن بعض الأجزاء من السيارة لا تتضرر من شراء قطع الغيار المقلّدة. فإن كانت الشركات الصانعة للسيارات هي التي ترفع الأسعار فإنهم لا يبيعون لنا قطعة الغيار وإنما يبيعون لنا ثمن العقلية التي أبدعت السيارة وهذه ثمنها غال.

  وليت الكاتب يستطيع أن يحصل على أرقام المبالغ التي يتم إنفاقها على شراء قطع الغيار هذه  فإنها بلا شك تصل إلى مبالغ كبيرة جداً، وفي الوقت الذي يتحدث كثير من الخبراء الاقتصاديين عن قرب وقوع أزمات اقتصادية في أنحاء العالم أو إن الأزمة الاقتصادية قد حلّت بعدد من الدول كما حدث في جنوب شرق آسيا (النمور الأسيوية الجريحة)  والبرازيل وغيرها من المتوقع أن تصله الأزمة قريباً إن لم تكن قد وصلته. وهنا لا بد أن نتنبه إلى ما لدينا من مال فننفقه بحكمة وعقل حتى لا تصيبنا الأزمة.

وقد اتفق عدد من التجار الخليجيين على تكوين تجمع لشراء الأرز من دول آسيا فاستطاعوا الحصول على أسعار معقولة، فما بالنا لا نهتم بتعميم هذه التجربة في شراء السيارات وفي شراء قطع الغيار سواء كانت قطع غيار سيارات أو قطع غيار الأجهزة المنزلية أو المكتبية؟ وقد تنبه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهمية أمر التجارة والاقتصاد فما أن حلّ بالمدينة المنورة حتى رأى أن يهود يسيطرون على التجارة فخط للمسلمين سوقاً خاصة بهم في أحد أطراف المدينة بحيث لا يحتاج التاجر أن يدخل بتجارته في أحياء المدينة ليصل إلى السوق وقد أغاظ ذلك يهود.

وفي هذه المقالة أود أن أتناول قضية قطع غيار أجهزة الحاسوب والطابعات بصفة خاصة، وقد ذكرت في مقالة سابقة أن علبة الحبر التي لا تتجاوز قيمتها الحقيقية أقل من خمسين ريالاً يصبح ثمنها أكثر من مائتي وخمسين ريالاً. بينما يستطيع المستخدم في الدول الأوروبية أو غيرها أن يضع الخرطوش المستعمل في الكيس البلاستيك الذي وجد فيه القطعة الجديدة ويبعثها إلى الشركة وهم يتعهدون بإرسال قطعة جديدة مقابلها. وقد علمت أن بعض وكلاء التوزيع عندنا يبحثون عن الخراطيش الفارغة ثم يرسلونها ليحصلوا على القطع الجديدة فيبيعونها بالسعر العالي جداً.

إن جهاز الحاسوب لم يعد ترفاً فكم من الأوراق تطبع في طابعات الليزر أو البخاخ فلو احتسبنا عدد أوراق الامتحانات في كل فصل دراسي مضروبة في عدد الطلاب، ولو أضفنا إليها الأوراق التي بقدمها الطلاب في الجامعات وفي المراحل الثانوية مطبوعة لكان هذا العدد ضخم جداً فهي بالتالي تجارة رابحة. فلماذا تستمر أسعار هذه القطع مرتفعة جداً؟ إن بعض تجارنا بحاجة إلى توعية بخطورة هذا النزيف لأموالنا أو الاستنزاف لها.

ولعل الحل المناسب أن يتم الاتفاق بين أرباب الصناعة عندنا وفي الدول المجاورة على تصنيع هذه القطع في بلادنا ففي مجال الكمبيوتر لو عمل مجمع لتصنيع هذه القطع في المملكة أو في مصر أو في الأردن فيكون من السهل استبدال القطع المستهلكة بسهولة ويسر.
ونظراً لأهمية جهاز الحاسبوب في مجال التعليم وضرورة توفير هذه الأمور فإنني وجدت الدكتور عبد الواحد الحميد قد كتب مقالة رائعة في هذا المجال (الرياض 25ذو القعدة 1419هـ) يقول فيها:"لهذا أتمنى أن يظل التعليم والتدريب بمنأى عن أية صعوبات مالية بفعل الميزانية للدولة أو لأية ظروف اقتصادية غير مواتية فالصعوبات المالية، مهما اشتدت، تظل مؤقتة. أما التعليم فهو مفتاحنا الذهبي إلى المستقبل، الأمر الذي يجعل مواصلة تنفيذ مشروعات التعليم أمراً ضرورياً لا يحتمل التأجيل مهما كانت الظروف المالية."




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية