ملف القدس مرحباً به



                                بسم الله الرحمن الرحيم
    إن من يزور الولايات المتحدة الأمريكية ويمضي بعض الوقت مع التلفاز لن يفوته أن يدرك حجم الجهود اليهودية والطوائف النصرانية المتعاطفة مع اليهود في التأكيد على أهمية القدس بالنسبة لليهود حيث يحاول هؤلاء أن يفرضوا وجهة نظرهم أو اعتقادهم بأحقية يهود في العودة إلى القدس وأن تكون القدس عاصمة يهود (الأبدية) والقدس الموحدة -كما يزعمون-وتستمر بعض هذه البرامج نصف ساعة، ويتكرر هذا الأمر على مدار اليوم والليلة وتشاهده في كثير من القنوات.
فماذا فعلنا نحن من أجل القدس؟ كم يستغرق الحديث عن الحق العربي الإسلامي في هذه المدينة التي فتحها المسلمون وعرفت التسامح الديني الحقيقي الذي لم تعرفه في تاريخها كله حتى اليوم. لا شك أن الإجابة أن ما نفعله قليل. ومن هذا القليل ما أود الحديث عنه في هذه المقالة وهو ملف القدس الشهري الذي يصدر عن مركز الإعلام العربي في القاهرة، وهو خاص بالمشتركين ولكن أصحاب الملف يقدمون بعض النسخ هدايا لمن يهمهم الأمر.
وصلت أعداد هذا الملف حتى الآن سبعة أعداد. وهو ملف متخصص في قضية القدس والصراع الإسلامي اليهودي الصهيوني بخاصة وقضايا العالم الإسلامي بعامة، وقد بدأ إصدار الملف في رمضان 1419هـ الموافق يناير 1999م. وتتنوع المشاركات فيه بين المتخصصين في الدراسات الإسلامية الشرعية من عقيدة وفقه والدراسات التاريخية والاجتماعية والسياسية.

     ففي العدد الثاني كتب فيه الدكتور يوسف القرضاوي مقالة بعنوان (القدس قضية كل مسلم) كما كتب الدكتور عبد الوهاب المسيري (المتخصص في الدراسات اليهودية، وصاحب الموسوعة المتميزة في هذا المجال) مقالة بعنوان (الصهيونية: تاريخ المفهوم والمصطلح) كما كتب أحمد صدقي الدجاني عن قضية القدس والتسوية السياسية.
أما العدد السادس فتناول عدداً من القضايا منها (القدس بين الحضارة الإسلامية والمدنية الأوروبية 9 لعبد الحليم عويس وكتب محمد خالد الأزعر مقالة بعنوان (التطهير المؤسساتي في القدس وكتب الدكتور إبراهيم البحراوي (المتخصص في الدراسات اليهودية بجامعة عين شمس) الاستراتيجية العربية في مواجهة خطوط باراك الحمراء) وكتب عبد العظيم مطعني مقالة بعنوان (أسس الخسائر في قرن الخسائر)
ويتضمن كل عدد من أعداد هذا الملف أبواباً ثابتة منها (في القدس نلتقي يتناوب على كتابته عدد من الكتاب العرب المسلمين) وباب (يوميات القدس) حيث كتب الدكتور سيف الدين عبد الفتاح تحت عنوان (فلنتعلم أن تكون مصائرنا بأيدينا) تحدث فيه عن الانتخابات الإسرائيلية التي أطاحت بحزب الليكود وزعيمه نتنياهو وأتت بحزب العمل بزعامة إيهود باراك. وأشار إلى أن حزب العمل هو الذي خاض كل الحروب بين العرب وإسرائيل وكان هو البادئ دائماً وأن حزب الليكود كما يقول الدكتور حامد ربيع هو الذي " أدار الجولات الحرجة والفاصلة في عمليات التفاوض" وكان للدكتور عبد الفتاح كلمة جميلة في ختام مقالته جاء فيها" فهل في كل مرة سنرهن مصائرنا بأشخاص وسياسيات أو بمواقف من خارجنا، وفي كل مرة سنركن إلى تغيير يأتي من غيرنا؟ ألم يأن لنا أن نتعلم كيف تكون مصادرنا بأيدينا؟ ونتعلم سنن التغيير والتمكين (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
       والملف بعامة غني بمقالاته وبحوثه وأتمنى أن يتم اتفاق بين الصحف المحلية العربية على إعادة نشر بعض المقالات والبحوث لتثقيف جمهور القراء العرب والمسلمين بهذه القضايا التي لن يجدها القارئ إلاّ في ملف متخصص كهذا وإن كانت الأمثلة كثيرة ولكني أشير إلى بحث كتبه الدكتور إبراهيم بحراوي بعنوان (الموافقة الإسرائيلية على سياسة التطهير العرقي في كوسوفا لماذا؟) تناول فيها (الحوتسباه) وهي كلمة عبرية تعني الوقاحة وأنها أصبحت مصطلحاً لدى علماء الاجتماع والعلوم النفسية والسلوكية الإسرائيلية لتدل على مرض اجتماعي وسلوكي عام في المجتمع الإسرائيلي. متى نعرف عدونا كما يعرفنا من المتخصصين الذين أمضوا حياتهم في دراسات الكتابات اليهودية والمجتمع الإسرائيلي من الداخل.
إنه ملف حقيق بالاهتمام من المثقفين عموماً ويستحق أصحابه أن يقدم لهم الدعم المادي والمعنوي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية