علاقاتنا الاجتماعية إلى أين؟ملخص محاضرة


بسم الله الرحمن الرحيم


بدعوة من لجنة الخدمات الاجتماعية بمركز حي الخالدية التابع للجمعية الخيرية للخدمات الاجتمـاعية، ألقى الدكتور مازن صلاح مطبقاني الأستاذ المساعد بقسم الاستشراق بكلية الدعـوة بالمدينة المنورة (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) محاضرة مساء يوم الثلاثاء الموافق 27جمادى الآخرة 1418 بعنوان (علاقاتنا الاجتماعية إلى أين؟)

بدأ المحاضر بتقديم الشكر للجنة الخدمات الاجتماعية على دعوتها الكريمة وأشاد بفكرة مراكز الأحياء في المدينة المنورة وذكر أنها فكرة رائدة في المملكة. وشكر القائمين على الجمعية الذيـن يعملون وفق توجيهات سمو أمير المدينة المنورة المحبوب الحريص على كل ما فيه مصلحة هذا البلد الطيب.

أما المحاضرة فقد بدأها بالتأكيد على اهتمام الإسلام ببناء المجتمع الإسلامي على أسس ثابتـة ودلل على ذلك بما وصفت به السيدة خديجة بنت خويلد الرسول صلى الله عليه وسلم حين نزل عليه الوحي ورجع خائفاً فقالت له (كلاّ والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصدق الحديث وتكـريم الضيف وتصل الرحم وتعين على نوائب الحق) وقد وصف أحد المشركين أبا بكر الصـديق رضي الله عنه بهذه الصفات ، وكما قال كتّاب السير "على غير تواطىء بينهما". وهذه الصفات تدل على أهمية السلوك الاجتماعي من الصدق وصلة الرحم وفك العاني وغير ذلك.

وأضاف الدكتور مطبقاني بأن ما قاله جعفر بن أبي طالب حينما سأله النجاشي عن الإسلام (كنّا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام والأوثان ونسير الجوار ونأكل الميتة ويأكل القوي منّا الضعيف  حتى جاءنا من نعرف صدقه وأمانته فأمرنا بعبادة الله الواحد الأحد وأمرنا بصلة الأرحام وغيرها من مكارم الأخلاق…)

ثم تناول المحاضر ارتباط بناء المجتمع الإسلامي على أسس العقيدة الإسلامية  وأشار إلى بعض الآيات الكريمة التي تؤكد هذا الارتباط ومن هذه الآيات قول الله تعالى {أ رأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدعّ  اليتيم ولا يحض على طعام المسكين …) وقوله تعالى {خذوه فغلوه ثم الجحيم صلّوه ..ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه أنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين} وقوله تعالى { فلا اقتحم العقبة ، وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة}

وتساءل المحاضر بعد ذلك عن واقع العلاقات الاجتماعية اليوم هل هي جيدة ، وإن لم تكن فكيف يمكن إصلاحها وما المؤثرات التي تسببت في تراجع قوة الصلات الاجتماعية التي عرفتها المجتمعات الإسلامية في السابق؟

والعلاقات الاجتماعية التي قصدها المحاضر تمثلت في الأسئلة الآتية التي طرحها:

هل يؤدي الآباء حق الأبوة؟

هل تؤدي الأمهات حق الأمومة؟

هل يقوم المعلمون بواجباتهم؟

هل يؤدي الموظف الأمانة؟

هل يقوم الصانع أو المهني بعمله خير قيام حتى يحصل على أجرته حلالاً؟

هل نؤدي جميعاً حق الجار؟

هل نؤدي حق الأخوة الإسلامية؟

من يميط الأذى عن الطريق؟ من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟

وأشار الدكتور مطبقاني إلى أن إصلاح العلاقات الاجتماعية يجب أن يبدأ من تربية النفس وإصلاحها على هدي العقيدة الإسلامية الصحيحة. وذكر بعض الآيات التي تحث على تزكية النفس وتطهيرها. أما في الحديث الشريف فمن الأحاديث التي ذكرها المحاضر قول الرسول صلى الله عليه وسلم :

-(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)

- (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله)

- (لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يحقره ولا يخذله ، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)

      وتساءل المحاضر هل تمثلنا هذه الأحاديث العظيمة في حياتها فتركنا : الحسد والغل والحقد. وذكـر هنا الرجل الذي بشّرَهُ الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث الذي قال فيه (يطلع عليكم رجل من أهل الجنة …) ثلاث مرات وكان الرجل نفسه هو الذي يأتي فقام أحد الصحابة وذهب معه إلى بيته وبقي عنده ثلاث ليال ليعرف بأي شيء استحق الجنة، فلما لم يره كثير التطوع صلاة أو صياماً سأله بأي شيء نلت ما نلت فقال له الرجل (إنني إذا أويت إلى فراشي لم يكن في نفسي حقد أو غل على مسلم).

      وكانت النقطة الثانية في تزكية النفس أن يسأل المسلم نفسه عن أدى ما عليه من واجبات قبل أن يطالب بالحقوق ، ومن هنا كان حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (حق المسلم على المسلم...) ونصيحته صلى الله عليه وسلم لمن سأله النصيحة فقال له لا تسأل الناس شيئاً ، ومـن ذلك أيضاً ما قاله لعبد الله بن عباس (يا غلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهل، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله..)

      وذكر المحاضر أن بناء المجتمع الإسلامي الصحيح هو أمانة في أعناق الجميع وعلى كل إنسان أن يؤدي دوره فلو لم يكن البناء الاجتماعي قوياً في الدولة الإسلامي في صدر الإسلام لما استطاع المسلمون أن يتغلبوا على أقوى إمبراطوريتين في العالم في ذلك الحين. وإن الإسلام انتشر بالقدوة حيث كان سلوك المسلمين الاجتماعي دافعاً للدخول إلى هذا الدين العظيم.

     وفي ختام المحاضرة ذكر الدكتور مطبقاني بعضاً من صور الغزو الفكري الذي تتعرض له المجتمعـات الإسلامية وخطره على الأمة الإسلامية من بث القنوات الفضائية والتعليم الأجنبي وغـير ذلك من وسائل الغزو. وذكر صوراً من الانحرافات في المجتمعات الغربية المعاصرة وأننا يجب  أن نحذر مما وقعوا فيه ومن هذه النماذج ارتفاع معدل استهلاك الكحول بين طلبة الجامعات الأمريكية حتى إن الدكتور حسين باسلامة ذكر في مقالته الأسبوعية في جريدة المدينة بأن الآباء الذين يريدون إرسال أبنائهم للدراسة في الخارج عليهم أن يفكروا كثيراً .

    ومن نماذج المشكلات الاجتماعية في الغرب ارتفاع معدل الجريمة بين الأحداث حتى لم يجدوا وسيلة لوقف الجريمة سوى فرض حظر التجول على الشباب دون سن العشرين في الليل. وأشار  المحاضر إلى أن شبابنا الإسلامي لا يعرف المراهقة فقد كان شباب الصحابة رضوان الله عليهم يتسابقون للسماح لهم للقتال وقد قاد أسامة بن زيد رضي الله عنه الجيش الإسلامي وهو لم يتجاوز السابعة عشرة.

     ثم توالت التعقيبات والأسئلة بحثاً عن أفضل السبل العملية لإصلاح أوضاعنا الاجتماعية، وكان من بين الأفكار التي طرحت حث أئمة المساجد أن يكون لهم دور أكثر فاعلية في الصلات الاجتماعية بحث المصلين في خطب الجمعة أو بعد الصلوات على التزاور وعلى أن يجتهد كلُّ واحد في المستقبل على أن يحضر معه شخص أو أكثر لحضور مثل هذه المحاضرات القيمة التي تتناول هموم المجتمع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية