العلاقة بين الإسلام والغرب.


      ما طبيعة العلاقة بين الإسلام والغرب بمعنى  هل يعد الغرب الإسلام عدواً أو صديقا؟ وهل هناك شواهد على ما تقول؟

       ثمة حقائق يعتقدها المسلمون ويؤمنون بها وهي أنهم أصحاب الرسالة الخاتمة وانهم الأمة الوسط التي من مسؤوليتها الشهادة على الأمم الأخرى، لكن هذا المفهوم لا يعطيهم الحق في الاستعلاء الذي يدفع إلى احتقـار   غيرهم وظلمهم بل يحرصون على دعوة العالم أجمع الى هذا الدين . والاستعلاء الإيماني كما ورد في الآية الكريمة{وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} يدعو الى التمسك بالإسلام والرضا به والدفاع عنه .

     ولقد حمل المسلمون الأوائل هذه الدعوة إلى العالم أجمع ، وسادت بهم مبادىء العدل والحق وانتشر العلم والحضارة. وكان ازدهار المسلمين سببا في حقد غيرهم من الأمم ومن هؤلاء الغرب النصراني الذي حمل لواء العداء ضد الإسلام والمسلمين. وقد تمثل هذا العداء في الحروب الصليبية وفي حمـلات الاستعمار أو الاحتلال واستغلال خيرات الشعوب المحتلة وجعل بلادها أسواقا لمنتجات الغرب الصناعي.

     وقامت الحركات الإسلامية بالدعوة الى تحرر هذه الأمة والاستقلال عن الغرب فكان لها ما أرادت، لكن هذا الاستقلال لم يكن تاماً حيث إن الغرب منذ فشله في الحروب الصليبية وفي الاستعمار لجأ إلى الغزو الفكري والسيطرة على الأمم الأخرى باستخلاص مجموعة من أبناء البلاد وربطهم به فكريا، فكانوا أسرى وهم بين أهليهم ، فبالرغم من مغادرة جيوش الاحتلال لكن الارتبـاط أو التبعية للغرب استمرت وربما زادت في بعض الأحوال. فما تزال ثروات العالم الإسلامي تتدفق على الغرب فيصنّعها ويعيدها بأغلى الأثمان، وقد ارتبطت أنماط المعيشة في العالم الإسلامي بالأنماط الغربية.

          ولا يغرنّك أن تسمع بين الحين والآخر المزاعم التي تقول"إننا لا نعادي الإسلام، فالإسلام دين عظيم، وكانت له حضارة عظيمة، وهو أحد روافد حضارتنا. هذا الكلام إن لم يدعم بحقائق تؤكـده فهو مجرد دعاية، احترام الإسلام يقتضي احترام رغبة المسلمين في النظام الذي يحكم حياتهم ويستقلون فعلا في التحكم في ثرواتهم. وهذا هو الاحترام الحقيقي.

         

إن الغرب يزعم أن الحركات الإسلامية- ويصفها بالتشدد والتطرف-تهدد مصالح الغربف العالم الإسلامي، وهذا كلام غامض فما هذه المصالح؟ إنهم  لا يكفون عن دراسته التيارات الإسلامية ويتعاونون مع الحكومات في ضرب هذه التيارات. انظر إلى الأمم المتحدة -وهي التي يسيرها الغرب-جنّدت عشرين ألف جندي للإشراف على الانتخابات في كمبوديا، فهل يحق للكمبوديين أن تكون لهم حكومة منتخبة، وعندما يصل الإسلاميون إلى الحكم عن طريق انتخابات أشرف عليها الغرب وتأكد من نزاهتها يقصى الإسلاميون عن الحكم ويودعون السجون في كل مكان في الهند وفي كشمير وفي بورما وفي الفلبين وتحت أنف الغرب وأمام عينيه في البوسنة والهرسك

      إن الغرب يكيل بمكيالين فإن زعم أنه لا يعادي الإسلام والمسلمين فها هي مآسي المسلمين في كشمير وفي الفلبين وفي بورما، وفي الشيشان حيث يدكّ الروس عاصمة الشيشان  قروزني بكل ما يملكون من قوة. والمسلمون في البوسنة يمنعون من السلاح ليدافعوا عن أنفسهم، ويصل السلاح إلى الصرب من كل جهة.

    لو قلنا إن الغرب لا يعادي الإسلام فلماذا يتجمع في الغرب كل ضلّيل وفاسد من أبناء المسلمين ليجد له منبراً هناك بالإضافة إلى المنابر التي تسمح لهم بأن يبثوا فسادهم في العالم الإسلامي. لقد احتفى الغرب بسلمان رشدي وهو ليس أديبا بأية معايير أو مقاييس، بل إنه لا يستحق هذا اللقب لأن كتاباته لا تخرج عن قاموس لغة الشوارع البذيئة، إن الغرب يحرسه ويحميه بل يعطيه الجوائز. وهاهي المارقة تسليمه نسرين تنال ما نال رشدي من تكريم لأنها خرجت على العقيدة الإسلامية. ويحتفي الغرب ب محمد سعيد عشماوي ونصر حامد أبو زيد ونوال السعداوي وغيرهم.

          ولا بد لنا ونحن نتناول علاقة الغرب بالمسلمين أن نتذكر قول الله عز وجل الذي لا ينبغي أن نقدم عليه أي قول{ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء} وقوله تعالى{قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر}

     كذلك علينا أن نتذكر قول الله تعالى{ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى} فنقول إن بعض المسلمين الملتزمين وجدوا في الغرب منابر فأسسوا مراكز إسلامية ونشروا الكتب والمجلات وعقدوا الندوات والمؤتمرات ، وإن بعض هذه المؤتمرات والندوات لا يمكن أن يعقد مثلها في كثير من البلاد الإسلامية، ولكن يبقى الموقف الغالب هو عداؤهم للإسلام{والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية