زيارة بدر حامد الحربي يوم الأربعاء 4 ذو القعدة 1433هـ


        حينما تزور الدكتور مازن مطبقاني في بيته، وحينما لا تهتدي إلى منزله فيسرع إليك على عجل باحثاً عنك على ناصية الشارع لابساً طاقيته "المشخلة" مصطحباً أحد أطفاله في مقعد السيارة الخلفي، وحينما يلمحك متوقفاً عند أحد المواضع المتفق عليها بينك وبينه، سيلوّح بيده إليك بطريقة عفوية محببه !.
***
      وحين يسألك -وهو يعالج فتح باب المنزل-عن عملك و يجيبك مداعباً بأن العلماء قاسوا عقول الناس فوجدوا اصغرهم عقولاً ...المعلمين! فإنك لن تغضب؛ إذا كنت تفهم أريحية الدكتور و تبسطه، و روح الدعابة التي تشكل مناحي مهمه في شخصيته !.
       ولأنك انسان ثقيل، و تحب تكرار الكلام في الموضوع ذاته، و حالما تستقر جالساً في مجلسه الودود؛ ولأنك تحب أن تستعرض ثقافتك، و تبدد تلك التهمة التي أطلقها ضمنياً، أو ربما تريد أن تشعره بأنك تنتمي لهذه الفئة من الناحية الفيزيائية فقط؛ فأكد على ملاحظته تلك، و اذكر له قصة المرأة التي شكت إلى باديس بن حبوس (من قواد البربر) عقوق ابنها، فأمر بضرب عنقه فقالت: صفحت عنه، قال: ما أنا بمعلم كتاب؛ وضرب عنقه!. 
***
      الدكتور مازن الذي سيعتذر منك بأدب لثقلٍ في لسانه بسبب جلطة ألمت به مؤخراً، لن يمنعه هذا من التحليق بك في سموات الاستشراق والمستشرقين، و تجاربه الشخصية في المؤتمرات العلمية و رحلاته ومناقشاته المتعدده معهم، سيحدثك عن "مونتقمري وات" المبشر المسيحي و المستشرق و صديق "الامير خالد الفيصل" الذي سأله في أحد المؤتمرات و هو يجلس بجانبه: " مازن ألا ترى أن عقوبه (الرسول) لبني قريضك قاسية جدا؟!." فأجابه: "قبل أن تسأل هذا السؤال تحتاج أن تجاوب على سؤال أكبر هل هو نبي؟ أم لا ؟". وسيشرح لك الدكتور بأن القضية قضية خيانة عظمى في فترة لا يسمح فيها سوى بالحسم!.
      وسيحدثك عن المؤتمر الذي حضره في هولندا ونقاشاته مع أحد المحاضرين عن سقوط الليبرالية المدعومة من قبل الحكومات في البلدان العربية ومع ذلك تفوق عليها المد الاسلامي في معارض الكتاب وحراك الشارع!. وعن نفس المحاضر كيف سأل الدكتور وأجاب بنفس الوقت: "تعرف يا دكتور مازن من نجم المؤتمر ؟... أنا وأنت !".
       وسيحدثك عن شاب عربي، في اسبانيا من الجيل الثالث، لايحسن العربية، في مؤتمر آخر في اسبانيا؛ يحاول اثبات أن: لا دوله في الاسلام، و يستشهد بقيادات فكريه من مثل علي أمين وعلي عبدالرازق وصادق جلال العظم وآخرين .. و جاءت مداخلة الدكتور بطريقه صادمه وجريئة؛ ليعلن بالمؤتمر، الذي يفترض انه استشراقي بحت؛ بأنه يشم من كلام الباحث رائحة "الاستشراق"! و سيؤكد لك الدكتور بأن استخدامه لهذه العباره، في هذا السياق؛ له دلاله سلبية صارخه، يعرفها جميع من كان حاضرا للمناقشه، ثم استطراده سائلا المحاضر: "هل تريد أن تغطي الشمس بغربال؟" وكيف تحدث القرآن و عن الحكم والعدل وما فيه من معالجات قضائية للأفراد، ومناقشات سياسية للطواغيت؛ من أمثال فرعون، واسهابه في الحديث عن الدول الاسلامية منذ عهد النبوة، وعلى مر التاريخ، التي كانت تحكم بالشريعة، و أن الاسماء التي ذكرها المحاضر ليست لقادة فكر حر؛وإنما أدوات تبرزها السلطة!.
     وسيحدثك أنه كان يحاورهم بأسلوب قوي و مقنع جداً و لا يركن للين معهم ولا الضعف!. و ستضحك من استدعائه للفضة "عُتل" في وصف بعض المستشرقين مقارنة بضعف الطلاب المسلمين الذين يدرسون على أيديهم، وكيف أن هؤلاء يستفيدون منهم في أبحاث محددة نتيجة لقربهم من بيئتهم الاسلامية، ثم إنهم فيما عدا ذلك -غالباً- ما يجعلونهم يُعدون اطروحات تافهة؛ مقارنة باطروحات زملائهم الذين هم من بني جلدتهم !.
     وسيتطرق إلى نفي الفكرة السائدة حول أن علم الاستشراق في طريقه للانحسار، مستشهداً بعشرات المؤتمرات والدراسات والمنح ومراكز البحث في الجامعات الغربية، و كيف انه على صله قويه بالمستشرقين، و تصله منهم دعوات ورسائل بصفة اسبوعية. غير أنه سيؤكد بأن الاستشراق تفرع وظهرت منه تخصصات متعدده، فحين تواجد في مؤتمر ألماني هاله كيف تخصص بعضهم في دراسه الحياة الاجتماعية في الدوله العثمانية، من خلال: نخل و تفحص، ما يعرف بالارشيف العثماني، والمشتمل على الوثائق التي تصدرها الجهات الحكومية، مثل المحاكم و القطاعات الادارية و العسكرية الأخرى.
    وسيحدثك الدكتور عن أهمية اجادة اللغة الانجليزية بطلاقة؛ لخوض هذا المجال، وعن تطلعه للإعداد برنامج إذاعي أو تلفزيوني، ليفيد في هذا العلم الذي يُعد هو من رواده في بلادنا، و صاحب أول اطروحة دكتوراه درست المستشرقين. 
    وسيتناول معك جوانب متعدده حول أبحاثه و مشاريعه العلمية الشخصية، بحيث يجعل الوقت يمر عليك بسرعة، و أنت تحاول تارة أن تستمع له و تارة أن تشاركه الحوار لكي لا تكون سلبياً أو عالة عليه ما استطعت !.

     وستلاحظ الأدب الجم الذي اشتمل عليه أحد أبنائه على صغر سنه، ومشاركته والده الحديث حينما يتطرق للجوانب العائلية؛ وستربط ذلك-بلا ريب - بأسلوب التربية الذي يعتمده الدكتور "ابو غيث" مع أبنائه والذي يدفعهم من خلاله بالثقة بأنفسهم بحيث صارت ابنته ذات الثلاثة سنوات مشغوله داخل المنزل في اعداد رحلتها المزعومة نحو الفضاء الخارجي !.




مازن مطبقاني أتسمح لي أن لا أشكرك بل أستأذنك بالاحتفاظ بالمقالة كاملة فقليل ممن زارني رآى أن الزيارة تستحق أن يكتب عنها، لك الفضل والمحبة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية