الكلمة فوكوياما مع المرأة أو ضدها؟ د. مازن مطبقاني


                             بسم الله الرحمن الرحيم


       بدأت شهرة الباحث الأمريكي الجنسية الياباني الأصل ميشال فوكوياما منذ نشر مقالته المعروفة(نهاية التاريخ) التي تحدث فيها عن أن الديموقراطية الغربية قد حققت النصر على كل المذاهب الأخرى وأن هذا إيذان بنهاية التاريخ. وهي مقولة فلسفية سبق أن قال بها فلاسفة أوروبيون سابقون. والسبب في شهرة هذه المقالة أن جهات معينة في الولايات المتحدة الأمريكية بعثت بنسخ من المقالة إلى عدد من المثقفين قبل أن تظهر في إحدى المجلات الأمريكية ليبدوا رأيهم فيها. وهذا يعطي المقالة ذيوعاً وانتشاراً. وكانت مقولة فوكوياما هذه من بين الموضوعات التي ناقشها مهرجان الجنادرية قبل سنتين.

       المهم أن فوكوياما خرج إلى الناس بعد مقولته الأولى بمقولة جديدة أو فلسفة جديدة حول دور المرأة في ازدهار الحضارة أو اضمحلالها. وقد نشرت جريدة التايم اللندنية مقالة بقلم منيت مارين Minette Merrin جاء فيها أن فوكوياما يضع اللوم كله على النساء  بأن الثلاثين سنة الماضية التي انتشر فيها تحرر المرأة قادت إلى كل الأمراض الاجتماعية التي يعاني منها الغرب. وتقول المقالة إن فوكوياما قد لا يكون أول من قال بهذه الفكرة لكنه بلا شك كان جريئاً جداً بهذا الطرح في كتابه الجديد (نهاية النظام) The End Of Order حيث يناقش فيه دور المرأة في انهيار المجتمعات الغربية بسبب الحرية المدمرة ويقول فوكوياما "إن السبب في أن المجتمعات الأسيوية ابتداءً من اليابان كانت قادرة على تجنب المشكلات التي واجهت المجتمعات الأوروبية والأمريكية هو أنها كانت قادرة على مقاومة مساواة المرأة مع الرجل." ويطالب فوكوياما المجتمعات الغربية أن تعود إلى فرض التفاوت في الأجور بين النساء والرجال حتى تعود المرأة إلى الاعتماد على الرجل في دخلها فهذا قد يساعد في عودة الأسرة المكونة من الوالدين"(نسبة كبيرة من الأسر في الغرب الآن يعولها أحد الوالدين فقط)

       ويحدد فوكوياما السنة التي بدأ فيها انهيار الأسرة وهي سنة 1967 أو 1963 كما يفضل كاتب المقال حينما انتشرت موانع الحمل، وفرضت الأجور المتساوية بين المرأة والرجل. فعندما أصبحت المرأة قادرة على السيطرة على خصوبتها وأصبح لديها دخل كاف فلم تعد معتمدة على الرجل وأصبح الطلاق والعيش بدون زوج أمراً ليس ممكناً فقط بل أصبح مرغوباً.

     أما النظرية الأخرى التي جاء بها فوكوياما وأطلق عليها جون إوميسنكي في بعض الصحف الأمريكية الشرق الأوسط 29أغسطس 1998) (تأنيث المستقبل) ومفادها أن المرأة سيصبح لها قوة أكبر في المستقبل حيث إن عدداً أكبر من النساء سيدخلن مجال السياسة ولأنهن يعشن أطول فإن من المتوقع أن يصبح لهن قوة سياسية أكبر  وذلك حيث يدخلن الانتخابات وينتخبن نساءً مثلهن. وذكر بعض الأرقام وهي أن النساء فوق الخمسين سيمثلن ثلث السكان في أيطاليا وفي ألمانيا ويستنتج من ذلك قائلاً:" يبدو من المؤكد أن النساء سينتخبن المزيد من القيادات النسائية اللاتي سيكون ميلهن نحو التدخل العسكري أقل مما اعتاده الرجال الذين في منتصف أعمارهن." ويؤيد فوكوياما كلامه بالحديث عن عدوانية الرجال والنزعات التنافسية بينهم بينما تقل بين النساء.

     هذان الموضوعان يستحقان نقاشاً أوسع، لكن يمكن القول باختصار أنه ليس اعتماد المرأة على نفسها أو تحررها هو الذي قاد إلى انهيار الأسرة في الغرب ولكن سبب ذلك أن الغرب يفتقد إلى القيم الحقيقية للأسرة وللعلاقة بين الرجل والمرأة. فالإسلام يقر أساساً بمساواة المرأة مع الرجل( النساء شقائق الرجال)ولكن لا يكلفهن الإنفاق على الأسرة مهما كان دخل المرأة أو ثروتها. والعدل هو الأساس الذي قامت عليه الشريعة فلا يمكن أن تعطى المرأة أجراً أقل من الرجل لنفس العمل.

     أما نظريته عن تأنيث المستقبل فإن الحضارات التي تخرج فيها المرأة عن طبيعتها الأساسية من كونها أمّاً وزوجة وركناً أساسياً في الأسرة إلى أن تتعاطى الأمور العامة أو تكون هي الحاكمة فإن هذه هي المرحلة الأخيرة لأي حضارة وقد صور المودودي رحمه الله (في كتابه الحجاب) أنها نهاية الحضارة والرقي عندما تصبح أمور الحكم بيد النساء.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية