كلمات عن الحرية سبق نشر بعضها


كلما تذكرت موضوع الحرية السياسية والحرية عموماً لا أستطيع أن أنسى منظر بلال بن رباح رضي الله عنه وهو يجر في رمضاء مكة وتوضع الحجارة الملتهبة على صدره العاري ليقول كلمة الكفر فلا يزيده إلاّ إيمانا ولا يزيد على قول أحد أحد، فأقول ما أعظم الحرية وما أغلى الثمن! والحرية جاءت في قول ربعي بن عامر رضي الله عنه حين سئل ما الذي جاء بكم إلى بلاد فارس، فكان ردّه "إن الله جاء بنا وابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الواحد الأحد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة. وفي الحديث عن الحرية أتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم (تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار تعس عبد الخميلة تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ...) والحديث عن الحرية يقودنا إلى كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)

والحرية تؤخذ ولا تعطى كما جاء على لسان  عبد الحميد بن باديس العالم الجزائري رحمه الله حين قالوا له إن جمعيتكم (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) لا تطالب بالاستقلال فقال وهل تعرفون الاستقلال يعطى منّة من الغاصب بل لا بد من أخذه والتضحية من أجله.

وعرف الحرية عنترة بن شداد حين طُلِب منه أن يحار أعداء القبيلة وهو عبد رقيق، فقال: العبد لا يحسن الكر وإنما يحسن الحلب والصر) فقيل له كر وأنت حر.

وفي موضوع الحرية وجدت عبارات طريفة للدكتور عبد الله بن فهد النفيسي أنقلها لكم من كتابه (الكويت الرأي الآخر) –ولو كتب في بلد آخر لقطعوه إرباً إربا- وفيما يأتي بعض عباراته من الصفحة 15:

" يمكن كمّ الفم، يمكن تقييد الأيدي. يمكن الحد من نشاط الإنسان. ولكن لا يمكن توقيف مسيرة الروح. مسيرة الفكرة. ناموس الفكرة، هو ناموس السرعة ككرة الثلج التي تتحول إلى زلزال هاد. من الممكن خنق الإنسان. قتله وسحقه. سيكون ذلك دوماً على مستوى أفقي. ولكن هناك مستوى آخر هو الأهم: المستوى العمودي، أي الاحتكاك المباشر مع الله الأكبر من كل كبير، هذا العمودي لا يستطيع الناس أن يُكسروه أو يسكروه، عندما لا يبقى للإنسان سوى العمودي فحينئذ يكون الأكثر حرية، فالله له وليس سواه وهذا مطلق التحرير. وكم من سجين يجد حريته الحقيقية في سجنه وكم طليق يجد سجنه في حريته. إن أكبر مأساة أن يشعر الإنسان بالسجن وهو خارج جدرانه وهذا ما أشعر به وأنا أقطع المئة خطوة من مكتبي إلى قاعة المحاضرة في جامعة الكويت. كان بإمكاني  أن أتبع مبدأ التقية كما يفعل الباطنيون ولكني اخترت أن أموت على الطريقة الإسلامية: غزواً على صهوة الكلمة، لأنني كمسلم أؤمن بأن الكتابة نوع من الشهادة. الكاتب الحقيقي والمفكر الحقيقي هو الذي يذبح بسيف كلماته.

إنني ممن يعشقون المفكرين الذين يسيرون على حد الخنجر وأظن أن النوم على حد الخنجر ليس نوماً مريحاً. الكويت اليوم بحاجة لكلمة حرة تضع السكين في قاع جرحه وأتصور أن هذا الكتاب هو جزء من الكلمة الحرة التي يجب أن تقال.

 

: للدكتور عبد الله فهد النفيسي عبارات جميلة عن الخبز والأمن وأن كل حظائر خنازير العالم فيها أمن وفي كل السجون طعام ولكن الحرية هي ما نريد وسأنقلها كاملة فيما بعد إن شاء الله

 

الحرية قيمة عظيمة وهي أول معنى لكلمة لا إله إلاّ الله، حيث نفت كل العبوديات وأبقت العبودية للواحد الأحد، والناس ولدتهم أمهاتهم أحراراً ولكن البشر يختلقون القيود والقيود، فأحياناً نحن الذين نكبل أنفسنا ونجعلها عبيداً إما لشهواتنا ورغباتنا أو لخوفنا من بشر مثلنا. ألم ندرس في العقيدة أو التوحيد أن الخوف نوع من أنواع العبادة ولا ينبغي أن يكون في قلب مؤمن خوفان.
أما قضية الإعلام وما يسمح أو لا يسمح به فالذين يعملون في الإعلام يخشون على مناصبهم ورزقهم لأننا نظن أن صاحب الوظيفة هو الذي بيده الرزق وننسى أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين.
والحرية تؤخذ ولا تعطى، فلماذا نستسلم دائماً لأن الإعلام يمنعنا أن نقول كذا أو نقول كذا...
والحرية تبدأ من البيت بين الأب وأبنائه والأم وأبنائها والأب وزوجته.. فإذا عرفوا معنى الحرية الحقيقية في بيوتهم واعتادوا عليها استطاعوا أن ينقلوها إلى خارج بيوتهم إلى المدرسة وإلى الشارع وإلى العمل وإلى الإعلام وغيره.
أذكر أن أبي رحمه الله سمع مني رأيا أنتقد فيه المدرسة وأنا في الصف الثالث الابتدائي فجاء إلى المدرسة في اليوم التالي ودعيت إلى غرفة المدير لأعبر عن رأيي أمام المدير والمعلمين جميعاً. لقد علمتني تلك التجربة في سن صغيرة أن لي رأياً يُحترم وأنني بإمكاني أن أعترض على قرارات المدرسة. فرحم الله والدي كان تربوياً عظيماً، وكان حراً حقيقة وعلمني الحرية الحقيقية.

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية