صنع في الواق واق استغلال العمالة الأجنبية الرق الحديث


      قبل عشرات السنين عندما فتحت عيني على الدنيا وأنا أبحث في الأدوات التي نستخدمها ونستوردها وفي الملابس والأحذية أين صنعت. ولا أنكر أننا كنّا نحب الأشياء التي صنعت في أوروبا وأمريكا، وأما اليابان فكنّا ننظر إلى صناعاتهم على أنها درجة ثانية أو مقلدة. بل إنهم قلدوا حتى بعض الأدوية ومن ذلك دواء شراب مقوي كان يستورد من أوروبا فأصبحت اليابان تصنعه. ولما قامت الثورة في اليمن وكانت الإذاعة هي الوسيلة القريبة لمعرفة الأخبار انتشرت أجهزة الراديو، وكانت الأجهزة المشهورة هي أجهزة الراديو الإنجليزي والألماني وبخاصة قراندنج (ذي الثلاث وردات) أما الأجهزة اليابانية فكان ينظر إليها على أنها غير قوية. ولكن اليابانيين نزلوا الأسواق بقوة فانتشرت أجهزة الراديو اليابانية مثل السانيو والصوني والتوشيبا وغيرها. وتفنن الإخوة اليمنيون في العناية بأجهزة بتلبيسها بأقمشة زاهية. وكان اليمني يحمل الراديو حيثما ذهب. بل كانت أجهزة الراديو وسيلة من وسائل الترفيه العجيبة فكان البعض يقتني أجهزة راديو كبيرة بدأت عملها قبل الكهرباء ببطاريات وربما استخدموا بطاريات السيارات أو بطاريات كبيرة.
     وأما في الملابس فكانت تغيرينا الأحذية الإيطالية لأن صناعة الأحذية الإيطالية هي الأرقى والأجمل. وكنا نفرح بالملابس المصنوعة في الغرب. والآن تشتري الملابس الأوروبية المشهورة أو الأحذية أو الأجهزة، ولكن مكتوب عليها: صنع في الصين وفي  بنغلاديش أو إندونيسيا أو المغرب أو تركيا وحتى تونس. فهل هذه الدول هي الصانعة حقاً لهذه البضائع الراقية من  ملابس أو أحذية أو أجهزة؟ 
      لقد فتح الغربيون بلادهم في وقت من الأوقات للعمالة الأجنبية لتهاجر إليها وتسكن فيها وتعمل في مصانعها لأنها كانت أرخص من استخدام العمالة المحلية أو لأن أوروبا منذ أزمنة بدأت تنقص فيها اليد الشابة، والآن أصبح الأمر أوضح حيث ارتفع المستوى الصحي فيقولون إنهم أصبحوا يعمرون أكثر. ومن الطرائف أنني كنت أدرس مادة الأحياء في جامعة أوريجن بمدينة يوجين، وكان لدينا واجب في المعمل وكان حول تحديد النسل أو تنظيم النسل فكتبت أن تحديد النسل سيؤدي إلى ارتفاع نسبة كبار السن وانخفاض نسبة الشباب وبالتالي سيعاني الغرب من نقص في الأيدي العاملة ويصبح الكبار عالة على عدد قليل من الشباب. فتعجب الأستاذ من إجابة طالب في السنة الجامعية الأولى وكتب لي (أنت تفكر جيداً ولكن غير منظم أو مرتب أو فوضوي) وربما لأنني كتبت الواجب بسرعة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية