الاستشراق عند مالك بن نبي والاستشراق اليوم

الجمهورية الجزائرية
وزارة الشؤون الدينية والأوقاف
مديرية الثقافة الإسلامية
الملتقى الدولي : مالك بن نبي استشراف المستقبل من شروط النهضة إلى شروط الميلاد
12-14 ديسمبر 2011


الاستشراق عند مالك بن نبي والاستشراق اليوم
إعداد
مازن مطبقاني
مركز المدينة المنورة للدراسات الأوروبية والأمريكية

بسم الله الرحمن الرحيم
عاش مالك بن نبي رحمه الله في قلب الاستشراق الأوروبي في العاصمة الفرنسية، عاش ثلاثين سنة أمضى وقتاً قصيراً يدرس الكهرباء والعلوم بينما أمضى أكثر وقته يدرس الغرب وتفاعل معه ماضياً وحاضراً واستشرف المستقبل، وأدرك بن نبي الاستشراق بعمق واكتشف أساليبه وحيله وممارساته. وكان أن حدَّدَ صنفين أولاً من ناحية الزمن فطبقة القدماء وصل بهم إلى جولدزيهر، أما من حيث الاتجاه العام "فهناك طبقة المادحين للحضارة الإسلامية وطبقة المنتقدين لها المشوهين لسمعتها"
 ولئن صدق هذا التصنيف على العموم فإن التفاصيل تدل على أن الاستشراق القديم الذي يرى أنهم "أثّروا ولا يزالون يؤثرون على مجرى الأفكار في العالم الغربي دون أيما تأثير على أفكارنا نحن معشر المسلمين" هو في الواقع لا يزال مؤثراً فينا أيما تأثير، فحين ذكر جولدزيهر تذكرت أن جامعة برنستون الأمريكية أعادت ترجمة كتابه دراسات إسلامية ونشرته عام 1985 أي بعد وفاة مالك بن نبي رحمه الله بثنتي عشرة سنة. واحتفت ولا تزال جامعة ليدن تحتفي بالمستشرق المشهور سنوك هورخرونيه وقد عاش في المدة الزمنية التي عاشها جولدزيهر.
أما الصنفان الآخران وهما: الكتابات الاستشراقية تلك التي تسعى إلى الهدم والتشويه والأخرى التي تقوم بالتخدير والتنويم من خلال المدح والثناء فلم يعودوا صنفين فقط فقد اختلط الصنفان في كثير من كتاباتهم فمنهم المادح والمثني وفي الوقت نفسه يقوم بالتشويه الحاقد المتعمد ومن الأمثلة القريبة على ذلك جوستاف لوبون فحتى لو ذكر أن العرب كانوا أعدل الفاتحين وأرحمهم، لكنه اتهم الرسالة المحمدية بأنها خاصة بالعرب حتى يقول: إن كان لليهود أنبياء وكتب فلماذا لا يكون للعرب كتاب ونبي؟ ولم يكن حديثه عن القرآن والوحي لائقاً فقد وصفه بأنه نوع من الصرع حشاه صلى الله عليه وسلم، ورحم الله أبا الحسن الندوي في تجلية هذه النقطة حيث ذكر في مؤتمر من المؤتمرات أن المستشرق يقدم عدة حسنات أو محاسن للإسلام ثم يتبعها بشبهة أو فرية يفسد كل ما قدم ونظل نحن نمتدح ذلك المستشرق أبداً.
وقد اتسعت مجالات اهتمامات الاستشراق وتأثيراته فبالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من الطلاب العرب والمسلمين الذين درسوا ويدرسون في الجامعات الغربية انتشرت في عالمنا الإسلامي المدارس الأجنبية من الابتدائية حتى الجامعة بل أصبحت الجامعات مثل الدكاكين أو حوانيت البقالات وبخاصة في منطقة الخليج العربي الذي تكاد لغته العربية أن تندثر. واستمرت البعثات ولم يتوقفوا عند ذلك فقد ازدادت مؤتمراتهم وورش العمل والنشاطات الاستشراقية التي لا حدود لها. فقبل عامين تقريباً تقدم جامعة ليدن (معهد دراسات العالم الإسلامي في العصر الحديث) خمسين منحة ثمانية عشرة منها للدكتوراه والباقي للماجستير في مجال الدراسات الإسلامية.
نعم نحن بحاجة ماسة لاستعادة كل ما كتبه مالك بن نبي رحمه الله ولكننا في الوقت نفسه علينا أن نواكب خطوات الاستشراق والمستشرقين لنستوعبها ولنطور جامعاتنا حتى تغطي الحاجة إلى التعليم العالي في المجالات الأدبية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
سيوف يقدم الباحث موجزاً لنظرة مالك بن نبي رحمه الله في الاستشراق من خلال عدد من مؤلفاته وبخاصة كتابه (آثار المستشرقين  وأبرز القضايا التي تناولها في مجال الصراع الفكري ، وفي مبحث ثان يقدم  قضية الابتعاث بين مالك بن نبي ومحمود شاكر وفي المبحث الثالث يقدم الجديد في عالم الاستشراق ما بعد عصر مالك بن نبي رحمه الله، ويختم البحث بتوصيات حول سبل مواجهة المد الاستشراقي التغريبي.                  


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية