الشهادة وحدها لا تكفي للدكتور صلاح صالح معمار


 
 
WWW.MEEMAR.COM



 


دائماً ما نسمع ونردد عبارة لكل زمان دولة ورجال ، ولهذه العبارة الجميلة العديد من المعاني ولعل المعنى الذي سوف نستخدمه في مقالنا هذا هو أن رجال ونساء الزمن القادم يجب أن يكون لهم مواصفات خاصة  ، لدولة لها متطلبات قادمة خاصة ، وبها العديد من التحديات .

يجب أن يكون لرجال ونساء المرحلة القادمة من المبتعثين والمبتعثات على وجه التحديد رؤية بعيدة المدى لما بعد العودة من الخارج . و يجب عليهم أخذ عاملين  مؤثرين على هذه الرؤية بعين الاعتبار . فالعامل الأول هو  طبيعة سوق العمل في المملكة العربية السعودية وما به من تحديات وقلة فرص ، والعامل الثاني ماسوف تحدثه نتائج بعثات خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بمراحله العشرة من تنافس قوي جداً . لهذا يجب أن يدرك رجال ونساء المرحلة القادمة أنهم أمام تحديين ، الأول تحدي سوق العمل ، والثاني تحدي التنافسية الجميلة التي سوف تفرزها نتائج البعثات .

كانت المنافسة بالأمس بين خريجي الجامعات السعودية ، ولكن اليوم التنافس بين خريجي الجامعات الأمريكية والكندية والأوربية والأسترالية واليابانية
بالأمس كانت فرص العمل كثيرة و العرض أكثر من الطلب ، بل أنه وصل الحال من النوادر أن تجد خريج جامعة عاطلا عن العمل ، ولكن اليوم الطلب أكثر من العرض بكثير ، وأصبح من البديهي أن تجد خريج جامعة عاطلا عن العمل . وكانت المنافسة بالأمس بين خريجي الجامعات السعودية وزملائهم خريجي الجامعات السعودية الأخرى ، ولكن اليوم التنافس بين خريجي الجامعات الأمريكية والكندية والأوربية والأسترالية واليابانية وغيرها من جامعات الدول المتقدمة . وكانت متطلبات سوق العمل بالأمس بسيطة حتى أنها كانت تستخدم كلمة الإلمام وهذه الكلمة تعني الحد الأدنى من الشيء ، فكانت تطلب الإلمام بالتعامل مع الحاسب الآلي وكذلك اللغة الإنجليزية ولكن اليوم تم استبدال الكلمة ليحل محلها كلمة الاحتراف . كل هذه المؤشرات تجعلنا نستشعر أن عجلة التنمية في المملكة العربية السعودية سريعة جداً جداً ومن سرعتها قد لا ترحم بل تتعدى وتفرم كل من يريد أن يبقى في مسلمات الزمن القديم ، ولا يستطيع أن يتعامل مع تحديات الزمن القادم  ، فينضم لركب العاطلين ويصبح أسيرا للأمراض النفسية و يتحول إلى شخص عالة على نفسه وأسرته وبلده.


لعلنا نتفق الآن أنه من الصعب القول أن حصولي على شهادة عليا من الولايات المتحدة الأمريكية كفيل بأن يحقق لي الحصول على و ظيفة قيادية أو الحصول على الوظيفة التي أريد وفي المكان الذي أريد وفي المنصب الذي أريد ، أو حتى الحصول على وظيفة بسيطة . ربما كان هذا واردا في الزمن القديم ، لهذا نجد اليوم العديد من رجال الدولة من وزراء وأصحاب سعادة وأعضاء مجلس شورى وأصحاب معالي ومدراء جامعات وشركات كبرى هم خريجي الولايات المتحدة الأمريكية وخريجي الجامعات الخارجية في السبعينات والثمانينات الميلادية ، حين كان التنافس بين الداخل والخارج ، فكان من السهل فوز خريجي الجامعات الخارجية على خريجي الجامعات الداخلية. ولكن السؤال اليوم ماهو الحال عندما يكون التنافس بين الخارج والخارج والمقصود به التنافس بين خريجي الجامعات الخارجية !

 لعل البعض يسأل عن الحلول التي تساعدنا على التعامل مع هذا التحدي القادم وهذا هو السؤال المهم ، ولعلنا نحاول وضع بعض الحلول التي من شأنها أن تميز خريج الجامعة  الخارجية عن زميله خريج الجامعة الخارجية الأخرى وتجعله يكسب هذه التنافسية الجميلة التي سوف تكون مكتسباتها فردية وجماعية.

Top 10 Universities
Internship
Training Courses
Licenses
Franchisee
Memberships
 
من خلال خبرتنا في مجال التدريب و إدارة الموارد البشرية ، ومن خلال معايشتي للوضع هنا في الولايات المتحدة الأمريكية أضع بين أيديكم بعض المقترحات التي قد تجعلنا قادرين على مواجهات التحديات السابقة. وهذه المقترحات لكم الخيار في أخذها بشكل كلي أو بشكل جزئي وكلٌ حسب قدراته وإمكانياته ، ويمكن تلخيص هذه المقترحات على شكل نقاط وتكون بمثابة خارطة طريق لكل من يبحث عن طريق التميز وينطلق بخطى ثابتة وراسخة في طريق الحياة العملية ، ومن أهم هذه المقترحات مايلي :-


Ø   البحث والتسجيل عن الجامعات ذات التصنيف العالمي المرتفع( Top 10 )  ، سواء على مستوى الجامعة ككل أو على مستوى التخصص ، لأن التنافسية القادمة سوف تكون بين خريجي الجامعات العالمية الكبرى .

Ø   الالتحاق ببرامج ( Internship ) وهو التدريب والتطبيق العملي والتي تقدمه معظم الجامعات من خلال ( Partnership ) الشراكة مع المؤسسات الخارجية المعتمدة من الجامعة ، وهذه الخطوة تصقلك من الناحية المهارية وكذلك ترفع من مستوى سيرتك الذاتية.

Ø   العمل كأستاذ في الجامعة ( Assistantship ) وهذا النوع من الوظائف يقدم بنظام جزئي للطلاب المميزين في الدراسات العليا ويتم التقديم للطلب إما عن طريق البروفسور المشرف على الطالب أو عن طريق القسم في الكلية التي تتبع لها ، وهذه الخطوة مهمة جداً خاصة في المجال الأكاديمي .

Ø   التسجيل في الدورات التدريبية ( Training Courses )  التي تدعم تخصصك ، وكذلك الدورات التدريبية التي ترفع من مستواك المعرفي والمهاري والشخصي ، فالشهادات التدريبية هي الوسيلة الثانية عند المفاضلة بينك وبين من يحمل نفس شهادتك الأكاديمية .

Ø   المشاركة في المؤتمرات العلمية ( Conferences ) في تخصصك سواء بالحضور أو المشاركة بورقة عمل ، وهذه من الأمور الميسرة لك من قبل ملحقيتك الثقافية بل وتدفعك لها وتيسر لك الوسائل المعينة لتحقيق هذه الخطوة الهامة في بناء سيرتك الذاتية.

Ø   الحصول على رخص احترافية ( Professional Licenses ) دولية  ، سواء في الحاسب الآلي ، اللغة الإنجليزية ، الجودة ، التسويق أو في أحد المقاييس العلمية العالمية وتصبح بذلك مرخصا معتمدا في مجال تخصصك أو مجال آخر قريب من تخصصك ، وبعض هذه الرخص تعد كشهادة مستقلة بذاتها بل أن بعضها قد يكون سبب من أسباب حصولك على الوظيفية وليست شهادتك الأكاديمية فقط  ، كما حصل مع أحد الزملاء عندما نصحته أن يكون مرخص معتمد في الجودة الشاملة ، وعاد للوطن وكانت هذه الرخصة هي السبب بعد الله عز وجل في حصوله على وظيفة جيدة في قسم الجودة الشاملة في شركة كبرى .

Ø   الحصول على حق امتياز (Franchisee ) سواء بمعناها الواسع أو بالمعنى الضيق لها ، فيمكن أن تكون وكيلا لمنهج عالمي معين أو كتاب أو دورة تدريبية أو سلعة معينة تخدم مجال تخصصك أو عمل شراكة مؤقتة مع جهات عالمية هنا وحين عودتك للوطن تكون سببا من أسباب إتمام هذه الشراكة بين الجهة الدولية في أمريكا وبين شركتك التي سوف تعمل بها في السعودية .

Ø   الالتحاق بعضويات ( Memberships ) الجمعيات العالمية والجمعيات الدولية الخاصة بتخصصك ، لأنها تعطيك قوة في سيرتك الذاتية وتخبرك بكل ماهو جديد في مجال تخصصك سواء كتب ، مجلات ، دورات تدريبية  أ ومؤتمرات ، ومن خلالها يمكن معرفة أكثر النقاط السابقة الذكر ،  ومن هذه الجمعيات على سبيل المثال وليس الحصر :-

موقع الجمعية
اسم الجمعية
م
 الجمعية الأمريكية للإدارة  - AMA
1
American Society for Training and Development 
 الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير - ASTD
2
American Society for Quality
   الجمعية الأمريكية للجودة- ASQ
3
American Medical Association
 - الجمعية الطبية الأمريكية AMA
4
American Counseling Association
الجمعية الإمريكية للاستشارات والإرشاد - ACA
5
The National Society of Professional Engineers
الجمعية الدولية للمهندسين المحترفين - NSPE
6
The National Society of Leadership and Success
الجمعية الدولية للقيادة والنجاح - NSLS
7
National Society of Accountants
 الجمعية الدولية للمحاسبين- NSA
8
Association for Supervision and Curriculum Development الجمعية الأمريكية للإشراف وتطوير المناهج  - ASCD
9
American Computer Association
الجمعية الأمريكية للكمبيوتر - ACA
10

يجب التركيز على هذه الشهادة وإعطائها الأولوية الأولى من خلال العمق في التخصص وعدم الإكتفاء بالقشور ، وكذلك من خلال الحصول على معدل تراكمي مرتفع وبلغة علمية قوية
يجب أن لا نفهم  مما سبق أن الشهادة غير مهمة ، بل مهمة ومهمة جداً ، و هي البوابة الأولى لدخول عالم النجاح في الحياة العملية بإذن الله . لهذا يجب التركيز على هذه الشهادة وإعطاؤها الأولوية الأولى من خلال العمق في التخصص وعدم الاكتفاء بالقشور ، وكذلك من خلال الحصول على معدل تراكمي مرتفع وبلغة علمية قوية ، لأن اللغة في حد ذاتها تمثل شهادة لمتقنها . ويجب أن لانهمل المشاركة الاجتماعية والاختلاط بفكر هذه المجتمعات المتقدمة والتعلم من أنظمتهم المتطورة وسلوكياتهم الإيجابية وليست السلبية . لأنه كما هو مشاهد اليوم من القلة من طلابنا ، عندما يصلون  لهذه المجتمعات وفي أول يوم يدخل فيه الطالب معهد اللغة ويرى طالب بشعر" كدش " يقلده بعد وصوله بإسبوع  ، ثم  يذهب للمعهد وهو " مكدش " شعره ، وبهذا يكون أخذ منه السلوك السلبي ونسي أن زميله لا يمكن أن يغش في الامتحانات أو عند تسليم الواجبات ، بينما صاحبنا مكدوش وغشاش . فمتطلبات الدولة القادمة لا تريد طلابا ناقلي معرفة فقط بل ناقلي أنظمة وفكر واستراتيجيات وهذا لن يتم إلا بما ذكر سابقاً أو من خلال المشاركة في مؤسسات المجتمع المدني بل وقيادة هذه المجتمعات وإبراز الصورة الحضارية لشخصك ولبلدك وتوثيق هذه المشاركات لتدعم سيرتك العملية والقيادية .


في الختام يجب أن نذكر أنفسنا بالحكمة الشهيرة أو القاعدة الفقهية التي تقول "ما لا يدرك كله لا يترك جله " . فمن أدرك النقاط السابقة كلها فبحول الله وقوته يضع نفسه في مقدمة المتميزين والمتنافسين ، ومن لا يستطع ادارك جميع النقاط السابقة نتمنى أن لا يتركها بالكلية وعليه أن يدرك ما يمكن إدراكه . ونتمنى من ملحقياتنا الثقافية المزيد من الدعم  لمساعدة الطلاب على تحقيق هذه النقاط  . ونتمنى لجميع طلابنا المبتعثين والمبتعثات مستقبل مشرق تشرق معه راية الدين ثم الوطن .




 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية