المستشرقون والحج


فذلكة: أصدرت صحيفة المدينة المنورة عدداً دعائياً وطعموه ببعض المقالات فكان هذا منها، وها أنا أقدمه بعد أن نسيته ولكنها المناسبة فذو القعدة من أشهر الحج.

كان الحج وما يزال موضع اهتمام من الباحثين الغربيين يدرسون شعائره ومشاعره عقدياً وتاريخياً واجتماعياً وجغرافياً وثقافياً. وقد وُجد منهم من أعد رسائل جامعية حول الحج حصل بها على أعلى الدرجات العليمة، كما ادعى بعضهم الآخر الإسلام ليستطيع الوصول إلى البلدين المقدسين مكة المكرمة والمدينة المنورة، والمشاعر المقدسة ، وقدم لبني قومه صورة واضحة عن الحج.

أما لماذا اهتم هؤلاء المستشرقون بالحج فلأن هذا الركن العظيم من أركان الإسلام – وكلها عظيمة- يجمع بين أركان الإسلام الأخرى ، فلا يصح الحج إلاّ من مؤمن موحد، وفي الحج إقامة للصلاة  وفيه إنفاق للمال، وقد يحتاج الحاج إلى الصوم إذا كان عليه فدية لم يستطع أداءها فيصوم أياماً في الحج ويكمل الباقي إذا عاد إلى بلده. والحج فرصة للقاء المسلمين من شتى بقاع الأرض ممثًلا وحدة الأمة الإسلامية عاطفياً وثقافياً واجتماعياً وسياسياً.

وفي هذه المقالة الموجزة نتناول نماذج من كتابات بعض المستشرقين حول الحج نبرز ما فيها من حقائق صادقة حول هذه الشعيرة العظيمة ، ونرد على افتراءاتهم وشبهاتهم بما يجلي الحقيقة داعين إلى الإفادة من هذا الركن المهم من أركان الإسلام لتحقيق قوله تعالى ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير.) (الحج آية 28).

فمن المستشرقين الذين اهتموا بالحج المستشرق الهولندي كريستيان سنوك هورخرونيه Snock Hurgronije الذي ولد لأب قسيس سنة 1857م ودرس اللاهوت على أستاذ التوراة كونن، ثم بدأ دراسته للغة العربية والإسلام على يد المستشرق المعروف دي خويه، وتخرج عليه في رسالته عن الحج إلى مكة (قاسم السامرائي ،ص 11) وانطلق بعد حصوله على الشهادة لتدريس اللغة العربية والإسلام في هولندا. ولم تمض سوى أربعة أعوام حتى ظهرت مواهبه للحكومة الهولندية وهنا انطلق إلى مكة المكرمة حاجاً مسلماً حيث أعلن إسلامه في جدة وأطلق على نفسه اسم (الحاج عبد الغفار)

ومكث في مكة خمسة اشهر ونصف تمكن خلالها من التعرف إلى أهل مكة والوافدين إليها من الحجاج وبخاصة حجاج إندونيسيا وعلمائها على صورة أخص. ولما كانت رسالته للدكتوراه نظرية فقد كتب الآن عن مكة عن معرفة شخصية أو مما نقل إليه عن أشخاص أصبحت له بهم صلة وثيقة. ومن أجمل ما كتب سنوك هورخرونيه عن تأثر حجاج إندونيسيا بالحج والعيش في مكة المكرمة والمدينة المنورة " لذلك كان من يمضي فترة في بلاد الحضارة الإسلامية يعتبر على أنه مرجع ديني هام، فإذا ما أضفنا إلى ذلك عادة معظم الحجاج ارتداء الزي العربي بعد عودتهم ثم التزامهم وإخلاصهم في تطبيق مبادئ دينهم أدركنا رفعة شأن الحاج وارتقاءه إلى مرتبة مرموقة عن باقي السكان، وبخاصة في جزيرة جاوة والجزر المجاورة الأخرى."(سنوك، ص 407) وأضاف في موقع آخر " إن القوة الدينية والسياسية للإسلام التي كان سيسمع بها هؤلاء (الحجاج) من خلال التراث الشعبي عن أيام الإسلام الأولى وكذلك من خلال الأساطير عن أيامه المقبلة تتجلى بوضوح في حقيقة واقعة أمام أنظار هؤلاء."(سنوك، ص409)

وتحدث المستشرق هورخرونيه عن أهمية التقاء الحجاج من جزر إندونيسيا المختلفة في أثناء رحلتهم إلى الحج أو في البلاد المقدسة وأنهم كانوا يتبادلون الأفكار والآراء ومن ذلك سؤال المقيمين منهم بمكة للوافدين عن أوضاع بلادهم وكانت إحدى مناطق إندونيسيا قد انتفضت على الهولنديين حتى طردوهم من هذه المقاطعة فذلك المستشرق جواب هؤلاء:" والجواب يكون بالطبع قد أخرجنا جميع الهولنديين الملاعين وسيأتي اليوم الذي ننهي فيه وجودهم.(سنوك، ص 411)

إذن كانت رحلة سنوك(الحاج عبد الغفار) إلى الحج ذات هدف محدد وهو دراسة حجاج إندونيسيا وعقد الصلات العميقة مع بعضهم مما مهد لتوليه منصباً في الإدارة الاستعمارية في إندونيسيا حيث أقام هناك زهاء الثلاثين سنة يحاول توطيد دعائم الحكم الاستعماري، ولم يخجل من جعل إسلامه وزواجه من امرأة مسلمة مطية لذلك.ومازالت بعض وثائق هذا الرجل ومراسلاته لم يكشف عنها النقاب( قد كشف عنها الآن- ولعلنا نناقشها في أعداد قادمة) لتؤكد حقيقة إسلامه ومهمته التي جاء من أجلها إلى الحرمين الشريفين.

ومن المستشرقين الذين تناولوا الحج في معرض حديثهم عن الإسلام المستشرق الفرنسي هنري ماسيه Henri Masse (1886-1969م) ([i])حيث ذكر في كتابه الإسلام عن الحج قوله:"ويحتفظ الحج بأهمية رئيسية سواء كان بسبب نتائجه السياسية والاقتصادية أو بسبب قدمه ، وبالفعل فهو يبدو مزيجاً من البقايا الوثنية والطقوس الجديدة والمزارات التي يزورها الحاج في مكة هي أماكن عبادة قبل الإسلام." (ماسيه، ص 167) يرى ماسيه أن في الحج ثلاثة عناصر هي: الحصول على المغفرة والرحمة، والعنصر الثاني  عنصر سياسي تقليدي حيث يقوم الحج " من ناحية المبدأ على الأقل " بدور جمعية كاملة للمؤمنين وأخيراً عنصرا اثنوغرافيا (علم خصوصيات الشعوب) وهو الطقوس المختلفة التي يمارسها الحجاج المسلمون.(ماسيه، ص 173)

لا شك أن هذا المستشرق وغيره يدرك بعض حقائق الحج ويعبر عنها بصدق ولكنه يخلط الحقائق بالتشويه المتعمد حينما ينسب شعائر الحج إلى الطقوس الوثنية فهذا المستشرق(ماسيه) يقاربن بين وقوف المسلمين بعرفة ووقوف العبرانيين في سينا كما ينقل عن مستشرق آخر، أو يصف بعض المشاعر وصفاً طريفاً لا يأخذ منه إلاّ الشكل حيث يقول:" يقذف الحاج على إحدى أكوام الحجارة الثلاث في منى (الجمرة) سبع حصى صغيرة تُلتقط في السماء من المزدلفة"(ماسيه ص 171) ناسياً المعنى الشعوري لهذا الرمي وأنه رمي للشيطان ووساوسه واقتداء بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام. أما المقارنة بوقوف العبرانيين في سيناء فلا علاقة له بالحج وهذا ما دأب بعض المستشرقين في محاولة الربط بين العبادات الإسلامية وغيرها في الأديان السابقة أو مقارنتها ببعض شعائر الوثنيين. ولم يدرك أن الحج عرفة كما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقف المسلمون على صعيد عرفة يطلبون الرحمة والمغفرة من الله عز وجل ويجتهدون في العبادة والذكر.

ونأتي إلى مستشرق ثالث هو المستشرق ألفرد جيليوم Alfred Guillaume في كتابه الإسلام الذي يقول فيه إن مكة كانت مركزاً للحج منذ عهود بعيدة ولا أحد يستطيع تحديدها ، ويشير القرآن إلى أن إبراهيم [عليه السلام] هو أول من بدأ الحد ونادى المسلمين بأن يحجوا. ويختصر هذا المستشرق الحج بهذه العبارات "ولا يكتمل الحج دون زيارة قبر الرسول[صلى الله عليه وسلم] في المدينة، وعلى كل مسلم أن يؤدي هذه الشعيرة مرة في العمر، ويطوف الحجاج حول الكعبة سبع مرات، ويركضون بين الصفا والمروة، ويجتمعون على جبل عرفات على بعد اثني عشر ميلاً من مكة، وفي طريق العودة يضحون بالغنم أو الجمال في منى حيث يتم رمي الجمرات. وأحد أهم أعمال الحج تقبيل الحجر الأسود في جدار الكعبة.(الفرد حيليوم ، ص 70)

هذا هو الحج في نظر هذا المستشرق، يجزم أنه لا يصح بدون زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم دون أن يقدم دليلاً على كلامه، والحديث الصحيح يشير إلى زيارة المسجد النبوي ولكنه لا يربط ذلك بالحج (لا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد….) الحديث، فأين الربط بين الحج والزيارة؟ ولكن الحاج الذي يقطع  آلاف الكيلو مترات لا ينبغي أن يجعل الفرصة تفوته دون أن يكسب أجر زيارة المسجد النبوي الشريف والتمتع بزيارة الأرض الطاهرة التي كانت مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها انطلقت دعوة الإسلام إلى الآفاق وفيها عاش صحابة الرسول الكريم رضوان الله عليهم أجمعين. وإذا كان الإسلام دعا إلى زيارة القبور لأنها تذكر بالآخرة أفلا يكون قبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أولى بالزيارة من غيره؟

أما مسألة اختصار شعائر الحج إلى مجرد ذكرها فأمر فيه تعسف فهذه الشعائر العظيمة التي يؤمر المسلم أن يعظمها (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) كما أنها تتضمن ذكر الله سبحانه وتعالى وشكره وعلى آداب وأخلاق عظيمة. فأين المستشرق من قوله تعالى(الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفت ولا فسوق ولا جدال في الحج)(البقرة 197) وكذلك قوله تعالى (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) (سورة الحج 27-28)

وقد تناول المستشرقون الحج في دائرة المعارف الإسلامية في طبعتيها الأولى والثانية. وقد كتب مادة الطبعة الأولى المستشرق الألماني فنسنك A.J. Winsink  ودائرة المعارف الإسلامية تعد قمة ما كتبه المستشرقون لأنهم يختارون بعناية ودقة من يمثلهم أفضل تمثيل ولأنهم يزعمون فيما يزعمون أن هذه الدائرة تمثل النظرة الاستشراقية المعتدلة فلننظر ما كتبوه:

يقول فنسنك عن الحج:" إن المذهب الشافعي يسمح لأتباعه بتأخير الحج حتى الموت إذا كان قادراً على أن ينيب عنه أحداً، وهذا يفسر لماذا يموت غالبية المسلمين دون أن يروا مكة … ويزعم أن ارتباط الحج بالتقويم القمري يجعل الحج يأتي أحياناً في الصيف وهو نوع من العقوبة كما يزعم أن هذا ورد في حديث ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في سنن ابن ماجة باب الخروج إلى الحج. ويتناول فنسك جذور الحج في الإسلام بقوله "إن انتصار المسلمين في بدر هو الذي أثار الرغبة في فتح مكة وكان لا بد من إثارة الأطماع الدينية والدنيوية في أتباعه، وقد خُدع محمد [صلى الله عليه وسلم] بتوقعاته بموقف اليهود في المدينة، وقد جعل الخلاف معهم القطيعة الدينية أمراً لازباً، ويعود إلى هذه الفترة أمر الديانة الإبراهيمية التي هي الأصل لكل من اليهودية والنصرانية والإسلام، وتتقدم الكعبة لتصبح وجهة المسلمين في الصلاة وأن الكعبة قد بناها مؤسس الوحدانية من ابنه لتكون قبلة البشرية جميعاً وتعود الشعائر كلها إلى الأوامر الإلهية" ويضيف فنسنك بأن حصار المدينة الفاشل في غزوة الخندق هو الذي أعطى القدرة للمسلمين لمحاولة فتح مكة بعد السنة الخامسة (Encyclopedia of Islam,1st ed))

وتناول فنسنك حجة الوداع في أسطر قليلة خصص معظمها لذكر قوله تعالى (إن عدة الشهود عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق الله السموات والأرض منها أربعة حرم..) الآية وقد أفردت الموسوعة مداخل للحديث عن الطواف والإحرام وغيرها ليستمر هذا المنهج نفسه في الحديث عن الحج.

أما عبارات المستشرق السابقة فالمستشرق-وهذا دأب كثير منهم-يقدم الافتراض على أنه حقيقة، ويحرف الكلم عن موضعه فهل الشافعية يؤخرون الحج فأين الدليل على ذلك؟ وهل كل المسلمين يتّبعون المذهب الشافعي؟ أما حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي ورد في سنن ابن ماجة فنصّه كما يأتي "السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته من سفره فليعجل الرجوع إلى أهله.(سنن ابن ماجة 2912) فليس في هذا الحديث دلالة على أن الحج عقوبة، وإنما هو وصف للسفر ويصدق هذا على السفر قديماً وحديثاً. والعجيب أن المستشرق لم يشأ أن يذكر الحديث الذي بعده وهو قوله صلى الله عليه وسلم : (من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة) (ابن ماجة 2914) فلماذا ترك المستشرق هذا الحديث إلى قول في المذهب الشافعي لم يذكر مصدره؟ فهل هذه هي موضوعية المستشرقين؟

وجاءت مادة الحج في دائرة المعارف الإسلامية في طبعتها الثانية التي يزعمون أنهم تجازوا ما في الأولى من أخطاء وجاءت متوافقة مع تطورات البحث العلمي، فما ذا جاء فيها؟ لقد أبقت هذه الطبعة على مسألة قلة عدد الحجاج لبعدهم عن مكة وعدم استطاعتهم مع حذف الإشارة إلى المذهب الشافعي، ويشير كاتب المقال إلى الأهمية الروحية كما التقطها من راديو القاهرة وهذا في حد ذاته تقليل من شأن المصادر الإسلامية، وبالرغم من إيجابيات هذه الطبعة التي تحتاج إلى دراسة منفصلة لكنها تقذف بالشبهات بصورة ماكرة حيث تشير إلى أن الأضحية تذكر أحيانا بإبراهيم عليه السلام لكنها في الغالب ترتبط بالكعبة(Encyclopedia of Islam, 2nd. edition)

وفي عام 1976حينما عقد مهرجان العالم الإسلامي في لندن بالتعاون بين الحكومة البريطانية وبعض الحكومات العربية استغل اليهود هذا الحدث فأصدروا كتاباً ضخماً -في حجمه- بعنوان العالم الإسلامي اشترك في إصداره ناشران أحدهما بريطاني والآخر أمريكي، وكتب المستشرق برنارد لويس بحثاً بعنوان: "الإيمان والمؤمنون" زاعماً أنه يقدم للقراء العقيدة الإسلامية، وتناول الحج مشيراً إلى أنه الركن الثالث وفقاً "للحساب التقليدي"  وأنه مفروض على كل مسلم أن يحج مرة في العمر إلى المدينتين المقدستين، وأن يقوم بإعادة مشهد الهجرة من مكة إلى المدينة، ويضيف لويس بأنه يمكن للنساء أن يذهبن بموافقة أزواجهن مع مرافق أمين، وبإمكان من لا يستطيع أداء الحج أن يوكل من يحج عنه، ويمكنه أن يكتب ذلك في وصيته إن مات قبل أن يحج.(Bernard Lewis,p25)

وهكذا لا يختلف لويس كثيراً عن نهج من سبقه من المستشرقين في الاهتمام بآليات الحج أو الأعمال الظاهرة ويقع في أخطاء فيما يأتي تصحيحها: فالحج ليس الركن الثالث ففي واقع الدعوة الإسلامية لم يفرض الحج إلاّ في السنة السادسة ،وقد سبقته الأركان الأخرى في الفرض والتطبيق. وليس الحج إلى المدينتين المقدستين ، فالحج مجموعة من الشعائر تؤدي في مكة المكرمة وما حولها من المشاعر وهي منى وعرفات والمزدلفة … وليس الحج إعادة لتمثيل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم فأعمال الحج كلها في مكة المكرمة وما حولها من المشاعر وتبدأ بالمواقيت. وهنا يختلف الحج في الإسلام عن غيره من الأديان، ويقول في ذلك محمد المبارك:" فليس في الحج أي تقديس أو تعظيم لغير الله كما هو الحج الديني الموجود في بعض الأديان الأخرى أو في عادات بعض الأمم فلا يقصد في الحج إلاّ عبادة الله وحده."(المبارك، ص 181)

بعد هذا الاستعراض الموجز عن الحج في كتابات المستشرقين نتبين أن المستشرقين ينهمكون في النظر إلى الحج على أنه مجموعة من الطقوس والشعائر يدرسون ظاهرها ويحاولون ربطها بالشعائر الوثنية، ويربطونها بالحج عند الأمم الأخرى. ونظراً لحرصهم على تعمد تشويه هذه الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام فإنهم لا يرون النصوص القرآنية والحديثية التي بين أيديهم كقوله صلى الله  عليه وسلم (أيها الناس خذوا عنّي مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا) بل إنهم وجدوا من يتحدث عن الحج حديثاً صادقاً عميقاً كما ذكر الزعيم الأمريكي المسلم مالكوم إكس في مذكراته عما يحققه الحج من قضاء على العنصرية الجنسية والتعصب القومي البغيض، وهذا ما فعله برنارد لويس عندما أصدر كتابه اللون والعرق في الشرق الأوسط ليزعم  أن الإسلام ليس خال من التعصب للأجناس.

لقد آن الأوان أن يكتب المسلمون عن الحج باللغات الأوروبية المختلفة وليت شبابنا العامل في الصحافة أن يلتقي الحجاج من مختلف الأجناس فينقل انطباعاتهم ومشاعرهم وأفكارهم عن الحج، كذلك انطباعات سكان الحرمين الشريفين تجاه الحجاج ومنها أننا نتطلع للقاء إخواننا الحجاج من جميع أنحاء العالم وإذا ما انقضت أيام الحج شعرنا بفراغ كبير وأننا نشعر بحزن شديد حينما يغادروننا إلى بلادهم وكذلك حين يخلو المسجد النبوي الشريف قبل أيام الحج كأنما المسجد نفسه أصبح حزيناً لمغادرتهم.

وأختم هذه المقالة بأن أذكر أن قيام شبكة السي إن إن الأمريكية بنقل شعائر الحج العام الماضي كان رائعاً وبخاصة أنها استضافت عدداً من الإعلاميين السعوديين المتميزين كالدكتور أحمد سيف الدين وليت التجربة تتكرر وتستضيف القناة شخصيات إسلامية وإعلامية أخرى لتوضيح حقيقة الحج للعالم أجمع لعل في ذلك يكون مشاركة في مسؤولية الدعوة لهذا الدين العظيم.



المراجع :

1- قاسم السامرائي . الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية (الرياض: دار الرفاعي، 1403)

2-سنوك هورخرونيه . صفحات من تاريخ مكة المكرمة في نهاية القرن الثالث عشر الهجري. ج2. ترجمة محمد بن محمود السرياني، ومعراج بن نواب مرزا ومراجعة محمد إبراهيم أحمد علي (مكة المكرمة: نادي مكة الثقافي الأدبي ، 1410-1990)

3-هنري ماسيه. الإسلام. ترجمة بهيج عثمان (بيروت: عويدات للنشر 1960م)

4-محمد المبارك. نظام الإسلام العقيدة والعبادة( دمشق: دار الفكر ، 1975م)

1- Alfred Guillaume. Islam.(London: Penguin Books.1987)

2- Bernard Lewis. “ The Faith and the Faithful.” In The World of Islam(London &New York, 1967)




1-مستشرق فرنسي ولد عام 1886م وتوفي عام 1969  عمل في عدة مناصب منها مدير المعهد الفرنسي في القاهرة وأستاذاً في جامعة الجزائر (1918-1927) ومديراً للمدرسة الوطنية للغات الشرقية ، وعضواً في مجمع الكتابات والآداب والمجمع الإيراني والمجمع العلمي بدمشق. وله عدة مؤلفات عن الإسلام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية