الاستنتاجات والتطبيقات-من بحث الإعلام الإلكتروني وتأثيره في السلوك (ترجمتي)


 

يقترح بعض المحللين أن السؤال لم يعد "ما الخطأ في مدارسنا العامة؟ أو البرامج التلفازية المقبولة؟ ولكن الأول أن نسأل ما الذي حدث لكل النسيج التطوري لحياة أطفالنا اجتماعيا وأخلاقياً؟ لقد أدخل الإعلام الإلكتروني وبخاصة التلفاز تغيرات متطرفة في حياتنا. إن الجيل الحالي من أطفالنا بحاجة إلى المساعدة كما أن تأثير الإعلام يجب مناقشته على كافة المستويات في مجتمعاتنا.

نحتاج أن نفهم كم أصبح موضوع العنف معقداً وأنه الآن متداخل في نسيخ حياتنا. وفي واحدة من أكثر المجلات مكانة وتنشرها الرابطة الطبية الأمريكية التي نشرت في يونيه 1992عدداً خاصاً يجد القارئ تسعة وستين مقالة ذات علاقة بالعنف في مجتمعنا. هل يمكن أن يترك هذا أي شك بجدية هذه المشكلة؟

ولم تنس مجلة الرابطة الطبية الأمريكية أثر الإعلام في العنف. ففي مقالة في هذا العدد الخاص وفي القسم الخاص بالاتصالات ظهرت مقالة بعنوان: "التلفاز والعنف: مدى المشكلة، أين نتجه من هنا؟" ويقرر سنتر وولCenterwall " أن تأثير عنف التلفاز على الأطفال والشباب نبّه المجتمع الطبي إلى الآثار المدمّرة لمشاهدة عنف التلفاز على تطور الطفل العادي. أما الأطفال حديثي الولادة فيولدون بقدرات غريزية ورغبة في التقليد، وليس لديهم غريزة لمعرفة إذا ما كان السلوك ينبغي تقليده، فهم سيقلدون أي شيء بما في ذلك السلوك المدمّر وغير الاجتماعي"(ص. 3059)

وتُظهر الدراسات أن الأطفال الصغار من سن 14 شهر يظهرون القدرة على الملاحظة ويهضمون السلوكيات التي يشاهدونها في التلفاز (Centerwall, 1992). وبحلول عام 1990 كان الطفل العادي الأمريكي من سن 2-5 يشاهد 27 ساعة من التلفاز كل أسبوع، وهو رقم استمر في الزيادة. فالعنف الخطير يتفجر في لحظات الضغط الحاجة ، وهذه بدقة هي اللحظات التي يقود فيها المراهقون والكبر إلى أحاسيسهم المبكرة وأكثرها عمقاً. لما هو العنف، فالتعليم يحدث في بدايات تطور الطفل.

واستنتج سنترول Centerwallأن التعرض للتلفاز يعد عنصراً سببياً رئيساً وزاء نسبة كبيرة بل ربما نصف حالات الاغتصاب والاعتداء وأشكال أخرى من العنف الشخصي في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويلخص كوشانكا Kochanska (1993) جذور التطور الأخلاقي من هذه النقطة:

          إن أسس الأخلاف الذاتية تأتي من التفاعلات المبكرة مع توفر الاستمرارية، ولا تعد تهديداً

          كما يصرح علماء التحليل النفسي_مقدمي الرعاية. وخلال التبادلات المستمرة المؤثرة يطور

          الطفل الصغير إحساساً بالتواصل القدرة على قراءةالآخرين العواطف وتتفاعل مع التعاطف،

 والاستغاثة والاجتماعي الإيجابي النشاط لمحنة الآخرين. . . إن تطور الضمير الأخلاقي هو أيضا

أمر مركزي في التنمية الأخلاقية. (ص 325)

ومع ذلك يُقصَفُ الأطفال برسائل محيّرة تحتوي صوراً لسلوكيات غير أخلاقية لا تكون نتيجتها عقوبة أو آثار سلبية على الجناة. وعندما يواجه الأطفال بمثل هذا الغموض فلن يكونوا قادرين على فهم الصح من الخطأ دون مساعدة من الوالدين أو البالغين.

يتعلم الأطفال أخلاقياتهم من الوالدين ويتلقون الإشارات العاطفية التي تعمل كموانع لتصرفات ممنوعة  (Kochanska,1993, p.325) وعندما تنزع العواطف الصادقة والمعاني من سياقات العنف والجنس كما هو الحال في الصور التي تبثها وسائل الإعلام ويُقصف أبناؤنا باستمرار ، ولذلك لا يستطيع الأطفال تكوين حكم داخلي أخلاقي للصح والخطأ أو يطورون وعياً أخلاقياً. ولذلك يبدو أن كل شيئ تمام بالنسبة لهم. وتريدنا صناعة الترفيه أن نعتقد أن ما يقدموه لنا هو محايد بطريقة ما وبالتالي فلا بأس أن يشاهده الأطفال أيضاً.

ويقترح ترافرز وآخرون (Travers et al. (1993 أن مساعدة الأطفال ليصبحوا مواطنين ذووي خلق فثمة حاجة للتعليم والذي يضفي:

·       إحساش باحترام الذات ينطلق من سلوك إيجابي نحو الآخرين.

·       مهارة في المنظار الاجتماعي يعني كيف يفكر الآخرون ويشعرون.

·       حكم منطقي على الأشياء الصحيحة لنفعلها.

·       قيم أخلاقية مثل: اللطف والذوق والثقة والمسؤولية.

·       المهارات الاجتماعية وعادات التعاون.

·       انفتاح لاقتراحات الكبار.(ص. 113)

يستطيع الإنسان أن يرى بسهولة من هذه القائمة أن كل مشاهدي الإعلام الجماهيري والأطفال بخاصة لا يقدم لهم غالباً حالات تعطيهم أمثلة نوعية يتعلم منها المشاهدون وتجارب كأمثلة للمعضلات الأخلاقية يستطيعون من خلالها الحصول على فهم واضح لما هو صواب وما هو خطأ.

ونتيجة لذلك فقد أصبح لدينا جيل من الأطفال الذين تربوا على معتقدات  مثل "قم بأمرك" إذا كنت تشعر أن الأمر صواب فافعله" وهكذا.

ويقول هنكوفHenkoff (1992)) في مقالة بعنوان "الأطفال  يقتلون، يموتون، ينزفون" أن اعتقال الأحداث لاعتداءات مزعجة واغتصاب بالقوة تزداد درامية.ويضيف إن الأطفال يقتلون أنفسهم دون إحساس بالندم على الإطلاق. هي يمكننا أن نتعجب لماذا لم يتعلموا الندم عندما تغرقنا وسائل الإعلام تخبرنا باستمرار أن العنف هو الطريق لحل مشكلاتنا؟

كثير من شخصيات الأفلام أو التلفاز يحملون سلاحاً أو يصيبحون ضحايا ولا ينبغي أن يخسر أحد المعركة. ومن الواضح كذلك أن الانتقام هو الطريق المناسب للتعادل مع الخصم. ويقول الأطفال غنه يحتاجون للسلاح لحماية أنفسهم، وانظر إلى الأحصاءات الآتية التي جمعها فيدرFeder (1990) حول الأطفال ومشاهدة التلفاز:

·       سيكون الطفل حتى بلوغه سن الجامعة قد شاهد 200 ألف دعاية ومائة ألف ساعة من مشاهدة برامج العنف.

·       سيكون الطفل ذي الستة عشر عاماً قد شاهد 250.000 تصرفاً عنيفاً بما في ذلك 33ألف حالة قتل درامي، وعشرات الألوف من الاعتصاب التمثيلي والاعتداء وإطلاق النار.

·       كثير من العنف الذي يشاهد يتم تمجيده ويروج له الأبطال فيما يقدم على أنه سبب عادل.

·       والرسالة الخفية هو أن العنف البطولي وأن المسدسات والسكاكين والقبضات أدوات مناسبة لحل المشكلات.

·       وقد وجدت رابطة الأسرة الأمريكية American Family Association أن 77% من التلميحات للجنس على شبكات التلفاز كانت حول الجنس خارج الزواج.

وبالإضافة إلى مشاهدة التلفاز فهناك 85%ممن هم أقل من العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية يستمعون إلى ساعتين من موسيقى الروك يومياً وربما يستمع كثير منهم إلى أكثر من ذلك. (Briggs, 1988).وهذا يعني أن خلال سنوات ما قبل العشرين سيكون كل مراهق قد سمع 75ألف أغنية مع ألحان مثل :

·       اركع عند ركبتي وتذوق سيفي

Slide down to my knees, taste my sword. (Motley Crue, “Tonight We need a lover”

·        Cause when I go through her, it’s just like a hot knife through butter.  KISS in their song, “Fits like a Glove”

لأنني عندما أفحصها مثل سكين ساخن تقطع الزبدة                                                         

·        . My sister never made love to anyone else but me; incest is everything it is said to be. (Prince, in his solid gold hit, “Sister”)

·                                                                                الحديث عن جنس المحارم.

ولا تترك الأغاني أي مجال للخيال فهي حول الجنس وجنس المحارم والقتل وعبادة الشيطان  ومجامعة الميت، والسادية مازوخية،وأكل لحوم البشر، والتعذيب ولا تترك شيئا للخيال، ويبدو أن كل فرقة تحاول أن تتفوق على الفرق الأخرى في اعتدائها على القيم الأساسية للمجتمع في الصواب والخطأ.

كثير من الأطفال يقضون وقتاً مع الإعلام الإلكتروني أكثر مما يقضون مع والديهم، يتعلمون من الإعلام الحياة الأسرية وقيم الأسرة وكل ما يخص مجتمعنا، ويمكن للإنسان أن يناقش أن العلاقة الأساسية كثير من الأطفال هي مع التلفاز، والذي يبدأ من اللجظات المبكرة جداً في طفولته على أنها العرض المرجعي للثقافة.

وقد ارتبط التلفزيون والإعلام الألكتروني بالمخدرات التي يروجها النخب الثقافية –هوليوود- جمهور الكتّاب في نيويورك والفنانون والمنتجون والنجوم الذي لا يعكس إحساسهم بالقيم ما نريد أن يشاهده أطفالنا (Plangens, 1991).

وفي الحقيقة يصل عدد الطبقة العليا للمغول المسيطرين على الإعلام مائة شخص، وهؤلاء المائة يتخذون القرار فيما نشاهده وسوف يستمرون في ذلك ما دمنا نقبل بلا عقل ما ينتجون. وهؤلاء التكنوقراط يميلون إلى عدم الثقة بحكم الناس العاديين. وهناك التزام متزايد لما يسميه بعض الملاحظين (المراقبين)"طراز الحياة المتحرر" وهذا الأمر في جوهره استغلال ذاتي شخصي وخلق شخصي" (Woodward, 1992, p. 55).

نحن في حرب ثقافية، هناك مكتبات كاملة من الكتب العلمية ومقالات تشهد إلى أن حرباً ثقافية تحدث في المجتمع الأمريكي، وأبرز الحاضرين في هذه المعركة التعليم والفنون والدين والقانون والسياسة والإعلام الترفيهي. (Woodward, 1992, p. 55). نحتاج أن نكون أكثر عنفاً وأن نتحدث عما هو التلفزيون الجيد وبخاصة للأطفال، ونحتاج من أجل تغيير الإعلام أن نصبح جزءاً من العملية وليس المشاهدين الضحايا لهذه العملية.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية