لو عرفوا الإسلام لما خافوه


 


مقدمة : هذه مقالة قديمة وجدت مسوّدتها مصورة في أوراقي فرأيت إعادة نشرها لعلها ترد على المهاجمين الإسلام.


        إن الهجمة العنيفة التي يتعرض لها الإسلام في وسائل الإعلام الغربية هذه الأيام قد بلغت مداها، حتى إن مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي  الذي عقد في كباكستان قبل سنوات أعلن استنكاره لها، ونددبها، ودعا إلى وقفها.

        ولكن هل هذا الموقف الغربي جديد؟ كلا فقد واجه الشيخ عبد الحميد ابن باديس رحمه الله مثل هذا الهجوم في الصحافة الفرنسية قبل أكثر من خمسين سنة. وقد كان الشيخ على اطلاع واسع على هذه الصحافة حتى أنه كان معجبا بالصحافة الفرنسية وبخاصة كبرى صحفها الطان  (الأزمنة) لما يتمتع به من تنظيم وجرأة وشجاعة في معالجة القضايا الفرنسية ولكن هذه الصحيفة التي أطلق عليها  (عجوز الصحف الفرنسية) تصر على سياسة   ((وخز الدباببيس)) وقد كتب رحمه الله: لهذا يؤلمنا ويزعجنا ويملأ أنفسنا حسرة وإشفاقا أن نرى الآداب الفرنسية وأن نرى الصحافة الفرنسية الكبرى تنحط أحيانا إلى درجة اللغو والسخافة ، وتنغمس في حمأة التعصب الممقوت، فتنكر على غيرها ما تستحسنه لنفسها، وتعتبر الفضيلة عداها رذيلة عند غيرها، ثم تلجأ فوق ذلك إلى باب الاختلاق والإفك والبهتان، فتتهم الأبرياء، هي تعلم أنهم أبرياء وتقلب الحقائق، وهي تعلم أنها تقلب الحقائق، وما ذل إلا خدمة لغايات انقاعية...))أ هـ.   ((وما أشبه الليلة بالبارحة)).

        وبعد أكثر من ستين سنة - وكما يقولون- وكأن التاريخ يعيد نفسه، تواصل وسائل الإعلام الغربية حملتها ضد الأسبوعية الأمريكية منها موضوع الخوف من الإسلام والعنوان المفضل هو   (( هل يجب أن نخاف من الإسلام ؟)) حيث استخدمته بعد ذلك مجلة نيوزيك. ففي عددها الصادر في 15 فبراير 1993 زعمت مجلة نيوز يلهم أن الولايات  المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية هي التي أسهمت في وجود الحركات الإسلامية المسلحة، وهذه الحركات أصبحت تخيف من أوجدها، كما زعمت المجلة أن الحركات الإسلامية متطرفة جدا دون تمييز بين الحركات الإسلامية الداعية إلى العودة إلى الإسلام بالوسائل المتاحة من تربية وإعلام وغير ذلك دون اللجوء إلى العنف وبين الحركات التي استخدمت العنف.

        وتزعم المجلة أيضا أن على الدول الغربية وبخاصة الولايات المتحدة أن تبحث عن جذور الحركة الإسلامية   ((الأصلية)) بالولايات المتحدة اكتفت حتى الآن بمحاربة الإرهاب، ولكن لا يكفي في نظر المجلة.

        لا شك أن الموضوعية كانت تتطلب من المجلة أن تدعو إلى فهم الإسلام الفهم الصحيح. وقد أجاب الشيخ عبد الحميد بن باديس -رحمه الله- عن هذا الموقف المنحرف من الغرب بقوله:  ((نعم نهضنا نهضة -بنينا على الدين أركانها - لا يخشاها -والله- النصراني لنصرانيته، ولا اليهودي ليهوديته بل ولا المجوسي لمجوسيته، ولكن - والله- أن يخشاها الظلم بظلمه، والدجال لدجلته والخائن لخيانته)).

        فهل يخشى الغرب الإسلام لظلم أو دجل أو خيانة، أو هو يخشاه لجهله،   ((والإنسان عدد ما يجهل)) ولكنا ننفى لا جهل عنهم لكثرة الدراسة للإسلام لديهم، ولأن الإسلام ليس أمرا صعبا معقدا مستحيلا على الفهم. ومع ذلك فالمسلمون يتحملون مسؤولية كبرى لنقل صورة صادقة عن الإسلام نظريا وعمليا. 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية