ما الذي نتعلمه من الإعلام؟ الجزء الثالث من بحث الإعلام والسلوك والجريمة


      رأينا في مقالة حديثة ظهرت في مجلة التايم Time  بعنوان "الأطفال الذين يقتلون" أن الأطفال يصرحون المرة تلو المرة أنهم لا فكرة لديهم لماذا يطلقون النار على أعز أصدقائهم. فهم يجيبون "لقد فعلتها" ويجد الباحثون أن الوعي لا يهم. وإذا ظهر فإنه يأتي بعد- وليس قبل- موقف الصدمة(Witkin et al., 1991, p. 31).

       وكما لاحظ كثير من الباحثين أن عمل النماذج بعد قضية رئيسية، ما الذي يتم نمذجته؟ وما الذي يصبح داخلها؟ ومن الذي يساعد الأطفال للتفريق بين العنف المقبول والعنف غير المقبول؟ ففي الفيلم السرير المحترق The Burning Bed الذي يشرح حقيقة العنف المنزلي وصعوب الهروب من رفيق مجنون حينما ينتهي الزواج يظهر أن كل ما يمكن تعلمه هو أن القيام بالقتل هو الحل النهائي الوحيد. فيبدو أن قتل الشريك في الحب غالباً هو العمل الأكثر منطقية في علاقة سيئة.

     وقد اقترح بعض الباحثين أن تأثير الإثارة الممتعة والتي يتبعها عنف يزيل حساسية المشاهدين تجاه العنف. إن هذا لا يجعل العنف مقبولاً ومثيراً ولكنه أيضاً كما يمكن أن يجادل أنه أكثر إدخالاً للسرور. (Donnerstein

et al., 1987, cited by Wilson, 1991)

     وعندما تدمج مناظر الجنس مع العنف فعلينا أن نسأل ما التأثيرات المزيلة للحساسية طويلة الأمد التي يمكن أن تحدث؟ هل يمتزج الجنس والعنف في عقول أولئك الذين يقدم لهم مزيج دائم من هذه الصور؟ ستصبح صور العنف والجنس ضبابية حيث يتبع منظر المنظر الآخر. قد يبدأ الضحايا بالرفض ولكنهم ينتهون في مناظر جنس قد تبدو أنها اغتصاب أكثر من أنها اتفاق متبادل بين شريكين متحابين.

     ومثال جيد على الامتزاج بين العنف والجنس المناظر الافتتاحية لفيلم "غرائز أساسية" ففي الفيلم يُربط الضحية بقائم السرير فيما يبدو لعبة جنسية متفق عليها بين شريكين، وفجأة ينقلب الجنس إلى عنف عندما يطعن الذكر المربوط حتى الموت بينما يمر بلحظة الذروة الجنسية مع شريكته. ما الرسائل التي يرسلها مثل هذا التصوير لامتزاج الجنس مع العنف؟ هل علينا أن ننظر إلى هذا على أنه ذروة المتعة الجنسية؟

     ويقدم موني Money (1986) في كتابه المثير خرائط الحب Love maps حالات دراسات يوضح أن أفلام العنف الجنسي تقدم لأكثر المجرمين جنسياً تخيلات جنسية هي الإكثر إثارة يحتاجونها لتطوير نشاطهم السادي الأكثر إثارة وبالتالي استخدامها مع ضحاياهم.

      ويلاحظ فريزر (Frasier (1974) أن العنف هو الفائدة الكاملة للترفيه حيث يقول إن مهمات العنف عديدة: "العنف بصفته تنفيس وتأكيد للذات ودفاع عن النفس أو اكتشاف للذات أو تدمير للذات: فالعنف كهروب من الواقع والعنف على أنه ذروة العقل في بعض الحالات وهكذا" (ص.9) إنّ العنف هو الفلسفة الحدية للعيش على الحافة فمن إثارة إلى إثارة (Lyng 1990)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية