الحج مع رابطة العالم الإسلامي

فذلكة: حججت مع الرابطة قبل أعوام وساءتني بعض الأمور، ومع ذلك فالدكتور عبد الله التركي له جهود كبيرة في ميادين كثيرة أهمها أن الجامعة في عهده(على ما فيها من ظلم-عبد الله الرحيلي-مثالاً) كانت جامعة حقا، وله نشاطات أخرى مباركة، ولكن كفي بالمرء فضلاً أن تُعدَّ معايبه
 

الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي سلّمه الله

 سلام الله عليكم ورحمته وبركاته

تفضلتم بقبول طلبي أن أكون ضيف رابطة العالم الإسلامي في حج هذا العام فمن حقكم عليّ أن أتقدم إليكم بخالص الشكر والتقدير، فمن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، ولكني أود أن أتقدم إليكم بالنصيحة الصادقة المخلصة فما رأيته في مخيم الرابطة هذا العام آلمني أشد الألم وأعتقد أنه سيكون له آثار سيئة في نفوس المشاركين في المخيم وبخاصة من الحجاج الذين أسلموا حديثاً، فإني أربأ بمعالي الأمين العام أن يكون منفّراً من الإسلام أو يعطي صورة لطبقية مقيتة جاء الإسلام ليخلص البشرية منها، وأنتم خير من يعلم أن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم كان يجلس حيث ينتهى به المجلس حيث ذكر الطبراني وغيره من أهل الحديث أن النبي صلي الله عليه وسلم كان من صفاته أنه يجلس حيث ينتهي به المجلس. أما الترف الشديد في القسم الذي كان يسكنه معالى الأمين العام ومن معه فلا بد أن معاليكم الكريم يذكر الحديث الذي جاء فيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس على حصير , وقد أثر في جنبه الشريف فبكى عمر, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قال : ذكرت كسرى وقيصر وما هما عليه من الدنيا, وأنت رسول الله قد أثر الحصير في جنبك، فقال له (صلى الله عليه وسلم): أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا.وقد استشهد الألباني رحمه الله بحديث عبد الله بن مسعود مشيراً إلى أنه حديث صحيح وهو: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (نام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على حصير، فقام وقد أثر في جنبه، قلنا: يا رسول الله! لو اتخذنا لك وطاءً -يعني: شيئاً من الفراش من تحتك تدفع به أثر الحصير في جسدك، يكون لك شيء طري من تحتك- فقال عليه الصلاة والسلام: ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)

 وسوف ألخص لمعاليكم ما رأيت في النقاط الآتية:

 1- مبنى الرابطة قد أصبح مهترئاً فالبساط في الغرف يحمل أطناناً من الغبار بالإضافة إلى قدمه، كما أن مستوى النظافة في المبنى سيء جداً فالغرف التي تطل على المناور الداخلية تطل على أكوام من الزبالة وحتى بعض الحمام الميت الذي ينبعث منه روائح كريهة جداً. كما حجم الغرف لا تناسب أن يكون فيها أكثر من سريرين فوضع ثلاثة أسرة أو حشر أربعة أشخاص في تلك الغرف أمر غير صحي وغير آمن.

 2- كان مستوى الطعام المقدم إلى الضيوف سيئاً جداً في نوعيته وكميته، حتى إن الطعام الذي قدّم في مزدلفة كان غارقاً في الدهون بالإضافة إلى أنه لم يكن ناضجاً مما تسبب في آلام معوية لدى العديد من الضيوف.وا ضطر الضيوف للأكل لأنه كانوا جائعين ولم يكن هناك مجال لشراء الطعام في مزدلفة بينما كانت هناك خيام مغلقة يدخل إليها الطعام خلسة حتى لا يرى المساكين خارج تلك الخيام. وكانت كمية الطعام محدودة، ففي إحدى الوجبات (في قسم النساء) أرادت إحدى الضيفات أن تأخذ موزة فنهرتها العاملة أن لا تأخذ شيئاً قبل بدء الطعام فالعدد محدود (خمسة عشر موزة ومثلها من البرتقال ومثلها من التفاح) –فهل هذا من كرم الضيافة؟ وقد حدث هذا أكثر من مرة. ويعلم معاليكم أن كثيراً من الضيوف أغنياء وأصحاب مناصب تصل إلى وكلاء وزرات في بلادهم فهم يستحقون الإكرام الحقيقي وليس أن تكون الإعاشة في مناقصة توفيراً على الرابطة، فيكون الأمر إسراف هنا وتقتير هناك... (بحار تشكو الري وصحارى تشكو الضمأ)

 

3- كانت معاملة العمال سيئة للغاية وتفضيلية فلأن معظمهم من شبه القارة الهندية فعندما يكون الضيف من بني جلدتهم يكثرون له من الطعام ويكرمونه، وإن كان من غير تلك الجنسية عاملوه بقسوة وأعطوه كمية أقل مما يكفي- ونوعية الطعام الردئية جعلت أحد الضيوف يتندر بأن هذه الشركة متخصصة في إطعام المساجين-

 4- لاحظ الضيوف أن المخيم ينقسم إلى قسمين أحدهما يحصل على معاملة فنادق خمسة نجوم من حيث نوعية الطعام وهندام العاملين، ويؤكد هذا منظر الخدم وهم ينتقلون في الجناح الخاص بالأمين العام ومرافقيه والصور التي حرصت الشركة على التقاطها لعمالها وهم يخدمون الأمين العام وصحبه. كما أن أثاث الغرف وسيارات النقل (جيمسات وتسير دائماً خلف سيارة أمن) تؤكد التفرقة بين الجناحين مما يذكر بالطبقية في أوروبا أو ما فعلته الملكية في عدن قبل الشيوعية كما قال أحد الشباب العدني (سادة وعبيد) وجاءت الشيوعية وجعلتهم (مسحوقين وأشد سحقاً).

 5- أوصل سائقو الحافلات الضيوف إلى المسجد الحرام ليلة العيد أو فجر يوم العيد ثم لم يعودوا مما اضطر الضيوف إلى الوقوف في الشارع أكثر من ساعتين ينتظرون أن تصل حافلة أخرى لنقلهم. (فهل يليق أن يعامل الضيوف هكذا؟ ولو خشيى السائقون العقاب لما ارتكبوا تلك الأخطاء؟) وكان لبعضهم أغراض شخصية في الحافلات ومنها أدوية ضرورية (بعضها للقلب وللضغط) وتلاعب بهم الموظفون فقال لهم أحد الضيوف لو كانت الأدوية للأمين العام هل يمكن أن تتأخروا؟ أريد معاملة مثل معاملة الأمين العام، فأسرعوا بإحضار حاجياته وأهملوا حاجيات الآخرين حتى كان أحد الذين كلموك شخصياً الدكتور أحمد تمراز...- أليس كذلك!

 

6- كانت العلاقات العامة لا ترد على الضيوف وبخاصة الذين تأخر التحاقهم بالمخيم، على الرغم من وجود العدد الكبير من السيارات والسائقين في مبنى الرابطة، فهم يضنون على الضيف أن ينقلوه حتى داخل منى وقد اضطررت أن أمشي أكثر من عشرة كيلومترات من أول منى (عند مخيم الجريسي إلى مبنى الرابطة) والعودة ودفع العربة التي تقل والدة زوجتي صعوداً إلى مبنى الرابطة. فهل هكذا يعامل الضيوف؟ وهل كل تلك السيارات للزينة أو لتعمل لفئة دون أخرى؟

        وأخيراً حتى أكون عملياً أقترح أن تقوم الرابطة بصيانة المبنى صيانة حقيقية وتنظيفه قبل موسم الحج من كل عام وأن تقلل عدد الأسرّة، وأن يخفض عدد الضيوف أو يحول الجناح الخاص بالأمين العام إلى غرف للضيوف ويمتنع الأمين العام عن الحج فإن مصروفاته تكفي لحج مائة حاج أو يزيد وهنا أود أن أذكر قصة سفيان الثوري رحمه الله مع أبي جعفر المنصور حينما استدعاه وقال له (يا سفيان لمَ لا تأتنا فنستشيرك فما أمرتنا بشيء صرنا إليه وما نهيتنا عن شيء تركناه، فقال سفيان: كم بلغت نفقتك في الحج فإني أرى عدداً كبيراً من الناس يحجون بحجك، فقال لا أدري لدي أمناء يقومون بذلك، فقال سفيان ولكني أتذكر أن عمر بن الخطاب حين كان في الحج سأل غلامه: كم بلغت نفقتنا في الحج فقال ثمانية عشر ديناراً ، فقال له عمر: ويحك لقد أجحفنا بيت مال المسلمين."

        وأقترح على معاليكم أن ترسلوا خطاباً لجميع الضيوف في حج هذا الموسم تعتذرون لهم عن كل تقصير وإساءة معاملة صدرت من الموظفين أو من الشركة المتكفلة بالتغذية.

 وتقبلوا معاليكم أصدق الود والتحية.

 

مازن مطبقاني

 

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية