علاماتُ التّرقيم وأشياءٌ أُخْـــــرَى


 

جريدة المدينة المنورة، العدد (9686) 12 ذو القعدة 1414هـ. الموافق 25/ 11/ 1993م

(ملحق ألوان من التراث)

مازن مطبقاني

أليس من العيب ان يتعلم العربي المسلم الكتابة الصحيحة في لغته حينما يتعلم لغة أجنبية؟

لقد امضيت اثنتي عشرة سنة أتعلم اللغة العربية، ولم أسمع مطلقاً عن شيءٍ اسمه النقطة أو الفاصلة ربما عرفتُ علامة التعجب أو السؤال لورود علامة السّؤال في أسئلة الامتحانات. بل تعلّت –أيضاً- نقطتي القول، وقوسي التنصيص وشرطات الاعتراض.

ليس هذا فحسب بل كان ممّا تعلمته في الكتابة باللغة الإنجليزية تقسم الموضوع إلى فقرات؛ حيث كل فقرة تحمل فكرة مستقلة ومكوّنة من عدة جمل ولا بد للفقرة أن يكون فيها جملة رئيسة هي الجملةُ الأساس التي تكون بقية جمل الفقرة مساندة لها. وقد تبدأ الفقرة بالجملة الأساس ثم يلحقها الجمل المساندة، وقد تبدأُ بالجمل المسانده وتختم الفقرة بالجملة الأساس، وتسمّى الأولي الاستدلال Deductive والثانية الاستقرائية أو الاستنتاجية Inductive

وعودة إلى علامات الترقيم، فالنقطة هي التي تختم بها الجملة وتسمّى الوقف الكامل، أو مرحلة أو نقطة، بينما الفاصلة، وهي علامة ترقيم تستخدم داخل الحملة لتفصيل بين معطوفات أو بين أجزاء الجملة لفعل الشرط وجوابه وسوى ذلك، بينما الفاصلة التي تحتها نقطة وتسمّى الفاصلة الشارحة، فتستخدم حينما يقدم الكاتب فكرة ثمّ يسوق –بعد ذلك- تفسيراً لها.

وهكذا مع استخدامات علامات الترقيم الأخرى كعلامات التنصيص أو الأقواس الهلالية أو المعقوفتين أو الشرطات المعترضة.

وكان من مبادئ تعليم اللغة الإنجليزية أدوات الربط بين الجمل المركّبة مثل كلمات (لاسيّما) و(بَيْدَ) و (مع ذلك) و(مع أنّه) وكذك عبارات الرّبط بين الفقرات التي تجعل الكلام متّصلاً.

 ويركّز معلّمو اللغة الإنجليزية على أن موضوع الإنشاء أو التعبير ينبغي تقسيمه إلى عدة أقسام: الأول هو المقدمة التي يلخص فيها الكاتب فكرته عن الموضوعـ الذي يود طرحه، ثم حسمُ ا=أو صلب الموضوع ثم الخاتمة، ويمكن أن يستخدم في موضوعة إحدى طريقتين: إما بتقديم استنتاجه أو القاعدة الكبري، ويعرض بعد ذلك الحقائق المؤيدة لهذا الاستنتاج أو أن يقدّم جزئيات لاموضوع حت يصل إلى الاستنتاج أو الحقائق الكبرى.

إن كل هذه المعلومات الأساسية يتعلمها لطالب في برنامج اللغة المكثف ظن ولا شك الطالب الإمريكي أو الإنجليزي يتعلم مثل هذه المعلومات الأساسية في المرحلة الابتدائية.

وقد ذكر الأخ الدكتور سالم سحاب عن مدى اهتمام الألمان بلغتهم في فترة التعليم الأساسي، أما نحن فنمضي سنوات التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي ولم نتعلم هذه الأمور الضرورية/ بل إنني لاحظت أن الطالب في المرحلة الابتدائية ينقل بعض علامات الترقيم كما هي وإن كان بعضها خاطئاُ فتُستخدم النقطة بدل الفاصلة مثلاً. وحين تحدثت إلى الدكتور عبد الله عسيلان عن هذه الأمور قال نعم لدينا في المرحلة الجامعية ولطلاب قسم اللغة العربية والأدب العربي مادة تُسمّى التحرير الأدبي؛ فتعجت كيف تكون هذه المادة خاصة بهذه الأقسام وتقدّم في هذه المرحلة المتأخرة. هل يعني إقرارها في هذه المرحلة أن الطالب قبل الجامعة لا يحتاج إلى معرفة علامات الترقيم وتقسيم الكلام إلى فقرات.

إن هذه الكتابة التي تفتقد إلى المقومات الأساسية تظهر في كتابات بعض الأساتذة الجامعيين أو الكتّاب الصحافيين الي يكتب موضوعاً كاملاً فيي فقرة واحدة، حتى إنني شبّهتُ ذلك بعمود الإسمنت المسلّح (البِتْرة) أما غياب الفواصل وعلامات التنصيص وغيرها فحدّث ولا حرج.

وبقيَ صورة واحدة من الكتابة لا بد من التّعريج عليها ، وهي كتابة الحداثيين التي تشبهُ الكلمات المتقاطعة، أو المقطّعة : كلمة ونقاط وشرطات، كأنها لوحة من الفن السريالي (الخيالي غير الواقعى) فهؤلاء يجب أن يتعلموا من جديد تركيبة الجملة العربية أو معنى الجملعة المفيدة؛ فهم يضعون فعلاً بدون فاعل ومبتدأ بلا خير ، وحروف جرٍّ بلا مجرور..إلخ.

يا ليت أساتذة اللغة العربية بدلون بدلوهم في هذه القضية الخطيرة، وليتنا نستدرك هذه الأمور في مناهجنا، فما الفائدة من كتابة موضوعات الإنشاء دون هذه المقدمات الأساسية؟! وشكراً للأستاذ المشرف على هذا (الملحق) الدكتور محمّد يعقوب على أن فتح باب الحوار في هذا الموضوع المهم، ونبّه إليه.

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية