سقوط الغرب وشيك


 


زار أحد الصحافيين )االمرموقين) هو أحمد بهاء الدين الولايات المتحدة الأمريكية قبل عدة أعوام طلباً لعلاج عينيه، وكتب بعد عودته يستنكر على الذين ينتقدون الغرب ولا يرون فيه إلاّ الهبيز، والبانكس، والثقافة المضادة، والخمر، والجريمة والشذوذ والإباحية. وأكد أن هذه الصورة لا تمثل الوضع على حقيقته، فإن الغرب وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية فيها كثير من الإيجابيات وذكر من ذلك الجامعات الراقية، ومراكز البحوث الجادة، والمواطنين المخلصين الذين يذهبون إلى أعمالهم في الثامنة صباحاً حتى الخامسة عصراً ، وربما كذلك السيارات الأمريكية والأسلحة الأمريكية الطائرات...الخ.

هل اقتنع القراء بما قاله هذا الصحفي المرموق؟ لا شك أن كثيراً من القراء معجبون بأسلوب هذا الكاتب ومقدرته الأدبية على الإقناع، ولكن القارئ المدقق الذي يفكر فيما يقرأ لا بد له من وقفة متأنية مع مثل هذه الأفكار.

لا شك أن الكاتب قدم حججه وبراهينه التي تعتمد على التعليل المادي البحت وتكتفي بظاهر الأمر ولا تتجاوز ذلك. وهذه هي العلمانية أو النظرة اللادينية. أما المسلم فَحكمُه على مثل هذه القضايا يجب أن يستند إلى القرآن الكريم، والسنّة المطهّرة التي أوضحت سنن الله عز وجل في الكون، وأرسل الله سبحانه وتعالى رسله إلى البشر ليوضحوها للناس ويبينوها. وهذه السنن تحدد أنه أي أمة من الأمم خالفت منهج الله سبحانه وتعالى في الحياة لا بد أن تلقى عاقبة انحرافها عن هذا المنهج.  أما متى يكون العقاب والأخذ فهو من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلاّ الله (ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون) وقلوه تعالى (لِكُلِّ أجلٍ كتاب)

وتحدث القرآن الكريم عن سنة الله عز وجل في أخذ القرى ودمارها فذكر من الأمم عاداً وثمود، وقوم لوط، وقوم شعيب، وبني إسرائيل، وفيما يأتي بعض هذه الأمم وما نزل فيهم من آيات.

q    بنو إسرائيل(أفكلما جاءكم رسولٌ بما لا تهوى أنفسكم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون) وقوله تعالى (لُعِنَ الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن  منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)

q       فرعون وقومه (وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصبّ عليهم ربك صوت عذاب إن ربّك لبالمرصاد)

q   قوم لوط (ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون)

q    قوم شعيب (وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره فأوفوا الكيل والميزان ولا بتخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلك خير لكم إن كنتم مؤمنين)

فهل يرى العقلاء أن الغرب قد وقع في هذه المحظورات التي كانت سبباً في هلاك الأمم السابقة؟ وهل يغني عن الأمريكان والأوروبيين ما هم فيه من صناعات وتقدم وازدهار؟ ألم تكن الأمم السابقة قد بلغت حداً كبيراً من التطور والازدهار فأتاها أمر الله ليلاً أو نهاراً أو بياتاً أو ضحى وهم يلعبون؟؟

وفيما يأتي بعض الحقائق عن الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية كما أوردها بعض الباحثين الغربيين ونقلتها مجلة الجيل اللبنانية في عددها الصادر في أبريل 1993م.

أولاً: الجريمة: بلغ معدل جريمة القتل في أمريكا تسعة عشر ألف جريمة سنوياً ، والقتل  لا يقع فقط بين أشخاص يعرف بعضهم بعضاً بل إن نسبة من هذه الجرائم تقع ضد أشخاص  لا صلة بينهم مطلقاً،(وهذه الحوادث أكثر من أن تحصى منها طالب جامعة فيرجينا) أما الجرائم الأخرى فالاغتصاب والسرقة وغيرها، وإن كان البعض يرى أن السبب الرئيسي وراء الجريمة هو العجز عن الاهتمام بالفقراء والإنفاق على تحسين حالة المدن والحد من البطالة، ولكن الحقيقة أن أساس الجريمة إنما هو اضطراب في الشخصية وانحراف نفسي عميق، وغياب التربية الروحية الإيمانية

ثانياً: المخدرات تعد المخدرات إحدى الجرائم الكبرى في أنحاء العالم ولكنها في الولايات المتحدة الأمريكية جزء من الشخصية الأمريكية فالإحصائية تقول إن الأمريكان الذين يمثلون 5% من سكان العالم يستهلكون 50 بالمئة من الكوكائين المنتج سنوياً، أما باقي أنواع المخدرات خفيفها وثقيلها فلا يكاد يسلم منه إلاّ نسبة ضئيلة جداً

ثالثاً: الأسرة في أمريكا قد بدأت تتفكك منذ زمن بعيد أي منذ خروج المرأة إلى العمل حتى ليكاد دور الأم أن يتلاشى ويحل محله التلفزيون حيث يشاهد الطفل الأمريكي خمسين ألف ساعة قبل دخوله المدرسية تتكون من التركيز على الاستهلاك والثقافة الرخيصة وبرامج التلفزيون المنحطة حتى يصاب الطفل بجنون الرياضة والبرامج السخيفة بالإضافة إلى العنف والجريمة.

رابعاً الاقتصاد نالت قضية الديون أهمية كبرى حتى بلغ دين الحكومة الفيدرالية عام 1991 ثلاثمائة بليون دولار والدين القومي بلغ أربعة تريلون دولار(أي أربعة آلاف بليون) ويرافق هذه الديون الضخمة انخفاضاً في الإنتاجية مما جعل مارغريت تاشر تهدد بحدود كارية إذا استمر تراجع الاقتصاد الأمريكي وتقدم الاقتصاد الياباني.

 فهل الغرب وأمريكا بالذات لا يسقطون؟

-كُتِب هذا المقال قبل الهزات الاقتصادية الكبرى في امريكا وفي العديد من الدول الأوربية مثل اليونان وإسبانيا وغيرهما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

 

تعليقات

  1. اشكاليتنا اننا ننبهر بالانجازات المادية والانحلال الجنسي فننقاد للشيظان من ارنبة انوفنا لنقول ان ديننا الذي هو دين الفطرة العفة والاستقرار الاجتماعي والنفسي رغم سوء ظروفنا المالية والصناعية بانه دين تخلف ولابد بد من الانحلال حتى نتقدم صناعيا ! لكن وجب علينا ان لا يفوتنا ان الالمان اساتذة صناعة السيارات والسلاح بحاجة اجتماعيا وانسانيا واسريا لنا حملة الاسلام لحل مشاكل ارباب الصناعة الاجتماعية والانسانية والاسرية ! اشكالنا عقلي فيجب الرجوع الى عقل الفطرة الصحيحة التي استقبلت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم !

    ردحذف
  2. فالغرب الآن هم ارباب الصناعة والتقنية وجب علينا الاعتراف لهم بذلك والاخذ عنهم في هذه العلوم في حدود مالا يتعارض مع ديننا وفي المقابل نبلغهم رساتنا في الحياة وهي تبليغ رالة الاسلام بامانة وصدق ووضوح !

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية