إيواء المارقين والمنحرفين


                                   

اهتمت وسائل الإعلام الغربية المختلفة بقضية الكاتبة البنجلاديشية تسليمة نسرين التي نشرت بعض التصريحات التي تزعم فيها أن القرآن الكريم بحاجة إلى إعادة النظر فيه ، وكذلك الشريعة الإسلامية وبخاصة فيما يتعلق بموضوع المرأة والجنس. ومن وسائل الإعلام هذه صحيفة التايمز اللندنية وفي هذه المقالة أرصد عدد المرات التي اطلعت عليها خلال أسبوع واحد 14إلى 20 يوليه 1994 وهو اهتمام أكبر من حجم هذه المارقة. ولكن مثل هذه الصحف تقف موقف الشماتة عندما يخرج من بين المسلمين من يطعن في عقيدتهم وشريعتهم.
ففي 14يوليو 1994 نشرت التايمز مقالة بعنوان ( رشدي يقوم بحملة لتأييد نسرين) أشار فيها الكاتب إلى الرسالة التي بعثها رشدي إلى أكثر من عشرين صحيفة أوروبية يطالب فيها بدعم نسرين وينتقد بشدة أولئك المتطرفين المتشددين الذين يهددون حياة الكاتبة ويحرمها من حقها في التعبير. وكان مما زعمه رشدي أن الأصوليين يطالبونهم (هو ومن على شاكلته) الإيمان بحقيقة واحدة وطريقة واحدة في التعبير عن هذه الحقيقة، وأن من يخالف هذا فعقوبته واحدة هي الموت. ويبدي رشيد تأييده لدعوة نسرين للمطالبة بحقوق المرأة .
ويذكر كاتب المقال رأي البروفيسور علام أعظم رئيس الجماعة الإسلامية الذي يقول فيه: " تسليمة امرأة لا أخلاقية ولا أعرف لماذا يغامر الغرب في مخاصمة العالم الإسلامي كله من أجل امرأة."
ونشرت الصحيفة في العدد نفسه رسالة من مساعدة سكرتير رابطة نساء بنجلاديش في بريطانيا تنتقد موقف صحيفة التايمز من تأييد هذه المارقة وتساءلت ما ذا لو أن مواطناً بريطانياً ارتكب جريمة ثم لجأ إلى سفارة أجنبية فهل سيكون موقف التايمز منه هو موقفها من المارقة البنجلايشية. وأوضحت صاحبة الرسالة أن ما فعلته نسرين ليس من قبيل حرية التعبير ولكنه إطلاق تصريحات عدوانية ضد عقيدة الأمة.
وفي السادس عشر من يوليه نشرت التايمز مقالة بعنوان " الكاتبة الهاربة تتوسل المساعدة حيث بعثت رسالة إلى منظمة العفو الدولية تتوسل فيها أن تنقذها من خطر القتل الذي يتهددها في بنجلاديش. ويذكر كاتب المقال أن المنظمة الدولية قد انتقدت الحكومة البنجلاديشية لفشلها في حماية الكاتبة التي تنكر ما نسب إليها من تصريحات كما طالبت الكاتبة منظمة الكتّاب الدولية مساعدتها في الحصول على حق اللجوء السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية ، ويشير الكاتب إلى إمكانية هروب نسرين بطريقة سرية يشارك فيها بعض المسؤولين الحكوميين.
ويواصل كاتب المقال مراسل صحيفة التايمز في دكا- كريستفور توماس كتابته حول الموضوع حيث يكتب يوم 19 يوليو بعنوان ( المسلمون يخططون للقيام بمسيرة كبرى ضد الكاتبة نسرين) ويبدأ مقالته بالقول " يُعِدُّ المناضلون المسلمون للقيام بمسيرة كبرى إلى دكا في حملة كراهية متعاظمة ضد تسليمة نسرين البالغة من العمر 32 سنة المتهمة بإهانة الدين الإسلامي." ويقول " إن بنجلاديش حتى الآن ليست دولة إسلامية استطاعت أن تدافع ضد المتطرفين الدينيين أكثر من باكستان التي تعتقل المرأة التي تتهم بأنها اغتصبت وتطبق قانون تحريم المشروبات الكحولية، ويرى الكاتب أو المراسل أن التفاؤل لدى العلمانيين التحديثيين الذين ظهروا بعد أول انتخابات حرة سنة 1991بدأ بالذبول بسبب ارتفاع حرارة الصراع السياسي. ويشير إلى أن انتشار آراء الكاتبة ليس لأنها كاتبة متميزة أو أنها شخصية مهمة ولكن لأن هذه الكتابات قد أسهمت في ارتفاع نسبة توزيع الصحف التي نشرت آراءها. وذكر المراسل أن الترجمة الإنجليزية لرواية تسلمية نسرين توزع في الهند من قبل المنظمة الهندوسية المتعصبة (جاناتا[دمصم1] )(*) التي تشعر بالبهجة لرؤية الإسلام يُنتقد من قبل كاتب يحمل اسماً إسلامياً.
وآخر ما نشرته التايمز في هذا الأسبوع (14-20 يوليه) خبراً عن وكالة رويتر مفاده أن الاتحاد الأوروبي قد عرض على الكاتبة ملجأً في أوروبا ، وقد جاء العرض على لسان كلاوس كينكل وزير الخارجية الألماني بقوله:" إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد وافقوا في بروكسل على الاتصال بدكا لحماية الكاتبة النسائية والسماح لها بمغادرة البلاد إذا رغبت في ذلك" وقال إنه اجتمع بسفير بنجلاديش في بون لمناقشة أمر نسرين. وأضافت رويتر أن كتاب أو رواية نسرين "الخجل" قد أوقف بيعها بعد انتشار الترجمة الإنجليزية.
لماذا كل هذا الاهتمام بهذه الكاتبة المارقة؟ ألا يمكن أن تكون أوروبا قد شعرت بالغبطة والسرور لظهور كاتبة تحمل اسماً إسلامية وتطعن في الإسلام كما هو الحال مع الهندوس؟ أليس هذا ما تفعله أوروبا مع كل مارق قبل نسرين وبعدها؟ أليس في أوروبا خارجون عن مجتمعاتها أليس من حقنا أن نحتضنهم ونؤيدهم، ونعاقب بالمثل؟ أرجو أن يتخذ المسلمون موقفاً واضحاً وصريحاً من مثل هذه القضايا التي لا ولن تتوقف. والله الموفق.


* -هذا الحزب وصل إلى السلطة في أوائل عام 1998 وقام بخمسة تفجيرات نووية خلال عدة أيام. وهو المسؤول عن هدم مسجد البابري وغير ذلك من الأعمال الحاقدة على الإسلام والمسلمين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية