النظرة المتغربة للمرأة: فاطمة المرنيسي أنموذجاً

  
عادت ابنتي من المدرسة  قبل أيام سعيدة جداً بالدرس الذي تلقته في ذلك اليوم وكان في مادة الحديث النبوي الشريف حيث تناولت المعلّمة قصة زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين  صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها، واصطحاب الرسول صلى الله عليه وسلم لها في عودته من الغزوة التي أسرت فيها صفية وكيف أحاطها بعنايته ورعايته صلى الله عليه وسلم. وكان سبب فرحة ابنتي ما تعلمته من تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع نسائه وعظمة تلك المعاملة. وقد ذكرت المعلمة كيف كان موقف أم المؤمنين صفية رضي الله عنها من الرسول صلى الله عليه في مرض وفاته. كيف لا وهو الذي أرسله الله عز وجل رحمة للعالمين. وقد كان من آخر وصاياه في مرضه الأخير (واستوصوا بالنساء خيراً) وكان هذا من وصاياه عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع.

فرحتُ لفرحة ابنتي لأنني كنت قبل أسابيع أعد لمحاضرة حول المرأة المسلمة في الكتابات الاستشراقية واطلعت على ما كتبته الكاتبة المغربية فاطمة مرنيسي مترجماً إلى اللغة الإنجليزية فوجدتها تصور زواج الرسول من صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها صورة لا أستطيع أن أنقلها رغم علمي أن "ناقل الكفر ليس بكافر"، لكن أستطيع أن أقول إن من يتصور الرسول صلى الله عليه وسلم بالصورة التي قدمتها فاطمة مرنيسي ومن على شاكلتها من الكاتبات المتغربات-يحتاج إلى أن يتعلم الإسلام من جديد، أو أقول لها:{إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}

وتأتي خطورة ما تكتبه فاطمة مرنيسي وأمثالها أنه يتم ترجمته إلى اللغات الأوروبية على أنه الفهم الصحيح للإسلام فهذه مسلمة اسمها فاطمة وتقرأ في المصادر الإسلامية: القرآن الكريم والسنّة المطهرة، وكتب الحديث ورجعت في كتاباتها كثيراً إلى كتاب الطبقات لابن سعد فلا بد أن يكون ما تقوله هو الصحيح. وقد رجعت إلى طبقات ابن سعد في المواضع التي أشارت إليها فوجدتها تبتر النصوص من سياقها وتفسرها بغير تفسيرها الصحيح. وقد وجدت العديد من الكتابات الاستشراقية في موضوع المرأة تجعل ما كتبته فاطمة المرنيسي من أهم مراجعها.

وقد لفت انتباهي الخبر الذي أوردته الشرق الأوسط منذ أيام عن الندوة العلمية التي عقدت بعنوان "حقوق الإنسان في الإسلام بين الخصوصية والعالمية " التي نظمتها المؤسسة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة والمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأردن. وبخاصة المقتطفات التي أوردها الخبر عن البحث الذي قدمه وزير الشؤون الدينية المغربي الدكتور عبد الكبير المدغري. فقد جاء في بحث معاليه انتقاد كتابات فاطمة المرنيسي في كتابها "الحريم السياسي" وكتاب هند التعارجي " محجبات الإسلام"

وفاطمة المرنيسي متخصصة في علم الاجتماع وعملت وربما لا تزال تعمل في مركز البحوث الأمريكي في المغرب-تنشر كتبها مترجمة إحدى كبريات الجامعات الأمريكية (إنديانا) فقد وصف الوزير كتابات هاتين الكاتبتين ب" السطحية والافتقار إلى المنهج العلمي الصحيح. "وأضاف الوزير  عن هذه الكتابات بأنها" تعاني من نقص فظيع في معرفة علوم القرآن وعلوم الحديث وأصول الفقه وغيرها من العلوم الشرعية."

وقد وجه الوزير رسالة إلى النساء المغربيات منتقداً بعض الكاتبات الصحفيات والباحثات المغربيات ومن على شاكلتهن- وكذلك المنظمات النسائية التي تزعم أنها تطالب ب (تحرير المرأة) وتؤيد "حملة الغرب على الإسلام ، والمنادية بتحرير المرأة والمساواة المطلقة مع الرجل لتكريس الواقع الذي تعيشه المرأة الغربية في ظل ثقافة الإشهار(الإعلان) والأفلام الاستعراضية."

وأضاف الخبر أن الوزير استنكر على هذه المنظمات زعمها أنها تمثل كل نساء المغرب في حين أنه (الوزير) يرى أنها "لا تمثل سوى نفسها والشرذمة القليلة من أتباعها المغترين بدعايتها، وهي مجهولة عند نساء الإسلام وبقية النساء المناضلات من أجل أسرهن وأزواجهن، والذين تدعوهن هذه المنظمات إلى مواجهتهم والانفكاك من قيودهموانتقد الوزير بشده هذه المنظمات النسائية التي وصفها ب المتفرنجة لطرح الحجاب والتخلي عن التقاليد العريقة .."

مرحى لهذا الوزير لذي أدرك مسؤوليته في التصدي لهذه الدعوات الظلامية التي لم تغب عن علماء الإسلام منذ ظهور قاسم أمين ومن جاء بعده من الحركات النسائية في شتى الأقطار العربية والإسلامية. ولا شك أن احتفاء الغرب بهذه الجمعيات وتوجيه الدعوات لهذه الجمعيات لتمثيل المرأة المسلمة في المناسبات العلمية والثقافية والفكرية في الغرب دليل على دعم هذا الاتجاه. ولعل للغرب مبرر في أن هذه المنظمات كانت على صلة دائمة بالغرب . وقد حصل في السنوات الماضية أن بعض العلماء المسلمين وبعض الباحثات المسلمات وجدن أن عليهم مسؤولية توضيح صورة الإسلام الصحيحة في الغرب استجابة لقول الله سبحانه وتعالى :{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} وقوله تعالى (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن ابتعني} ومازلت أذكر مقالة الدكتورة نوره السعد في جريدة الرياض في تعليقها على مؤتمر استنبول حول الإيواء وكيف سُمع صوت المرأة المسلمة في هذا المؤتمر. وقد علمت أيضاً أن الصوت الإسلامي كان واضحاً ومسموعاً وجلياً أيضاً في مؤتمر المرأة العالمي الرابع الذي عقد في بكين بالصين.

 والغريب أن الغرب بدأ يدرك أن ما وصلت إليه أوضاع المرأة هناك تحتاج إلى إعادة نظر جذرية فقد بدأ التفكير في عودة المرأة إلى البيت وبدءوا ينتقدون النزعة الاستهلاكية التي قادتهم إلى ضرورة عمل المرأة.كما أخذوا يشكون صراحة من تسلط المرأة في البيت وفي خارج البيت فهل يستيقظ دعاة التغريب عندنا؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية