الجزء الثالث من لقاء منتدى طلاب جامعة الإمام وطالباتها


س: ما رأيك بالفكر الليبرالي (بالتفصيل)

     بالتفصيل لماذا؟ هل هو اختبار أيها العزيز، قل بإيجاز حتى لا يمل الإخوة والأخوات والأبناء والبنات والزملاء (إن وجد زملاء) ولماذا تسألني عن الفكر الليبرالي هل هو أمر مزعج؟ لن أتحدث عن الليبرالية في نشأتها الأوروبية والتحرر الأوروبي من الكنيسة ومن الدين ومن كل شيء. ولكن الليبرالية عندنا ما هي؟ هم أولئك الناس الذين أعجبهم مصطلحاً أوروبياً فتبنوه وإلاّ فهم باختصار تأثروا بالفكر الغربي وبما يسمى الحرية هناك ، وان الدين مسألة شخصية وأنه يجب أن لا يحكم حياة الناس عقديا وسياسياً. ويريدون أن يتحرروا من الدين وما يرون أنه قيود أو تشريعات. والليبراليون يرون أن بعض ممارسات من ينتسبون إلى العلوم الشرعية أو المؤسسات الرسمية غير مناسبة فيعممون ذلك على الدين وهم مخطئون في ذلك. ويغلب على كثير منهم الجهل الحقيقي بحقائق الدين وروحه العظيمة. وفيهم دخلاء يريدون إفساد المجتمع والأمة. وقد وجدت أحدهم وضع في الإنترنت صورة امرأة محجبة وقال لن نتقدم حتى تكشف المرأة وتسفر عن جسمها، وكلما أسفرت أكثر تقدمنا أكثر. وبئس هذا الفهم للتقدم.

س: هل حاورت ليبرالياً يوماً ما

     نعم حاورت كثيراً من الليبراليين منذ زمن بعيد ومازلت، فمنذ أن بدأت الكتابة في صحيفة المدينة المنورة ولي حوارات ومصادمات مع هؤلاء، وقريباً دخلت الشبكة الليبرالية السعودية وكان لي فيها حوارات وحوارات معهم. وقد اعتنوا مدة بمقالاتي وكانوا يثبتونها وكانت الردود مختلفة بين حانقة وغاضبة وبين مؤيدة وقد نلت والحمد لله إعجاب بعضهم وأصروا على استمراري على الكتابة عندهم. وما زلت أنشر مقالاتي هناك.

س: ما توقعاتك بشأن الفكر الليبرالي مستقبلا هل سينتشر ويتوسع في الدول المسلمة خصوصا؟

     صحيح أن هناك هجمة قوية من هذا الفكر الذي يسمونه ليبرالي وقد سيطر على معظم منابر الخطاب العام من وسائل إعلام من صحافة وإذاعة وتلفاز ومحطات فضائية لا أول لها ولا أخر، ولكن الحق منصور منصور بنصر الله عز وجل، ومهما ارتفعت موجة الفكر غير الإسلامي أو المنحرف أو المتغرب فالنصر للإسلام وجنوده، فكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (الخير فيّ وفي أمتي إلى أن تقوم الساعة) وفي حديث آخر (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم أو عاداهم) وفي حديث ثالث (هذه الأمة كالمطر لا يعرف أولها خير أو آخرها) فكن على ثقة أن الإسلام هو المنتصر ولكن يحتاج إلى سواعد وعقول وأفكار وبذل وعطاء وتضحية. نحن نريد أن يحكمنا الإسلام في كل مجالات الحياة من سياسة واقتصاد واجتماع وثقافة وفكر وكل مجال. وهذا قادم قادم بإذن الله. ولا أستطيع أن أقول كم الوقت اللازم لمثل هذا الأمر فهذا بيد الله عز وجل وليت عندنا مراكز دراسات مستقبلية ودراسات استطلاع لنتعرف إلى قضية قياسات الرأي العام. فالناس عموماً تريد الإسلام وتريد الإسلام النقي الطاهر غير الملوث بالمتسلقين والمنتفعين والممتهنين للإسلام فهؤلاء ضررهم أكبر من نفعهم بل هم لا نفع فيهم إطلاقاً.  ألا ترى أن المنافقين أخطر من الكفار وجعل الله لهم (الدرك الأسفل من النار) وخصهم بثلاث عشرة آية بينما خص الكفار بآيتين وخمس آيات للمؤمنين في مقدمة سورة البقرة.

س: الخطاب الدعوي (خطب الجمعة والمحاضرات الوعظية ..) ما رؤيتك حولها؟ وهل تنظر لها بحال المؤيد الراضي أو المعاتب الطالب لتغيير مسارها؟ وما اقتراحاتك نحوها؟

       مثل هذا السؤال يحتاج إلى دراسة واستقصاء، فكم جمعة أحضر في السنة إذا كنت في المملكة ، العدد محدود ولذلك لا يمكن الحكم على خطب الجمعة عموماً، وإن كنت أتمنى  أن تعقد دورات لخطباء الجمعة ليتعلموا كيف يخطبون، مع التأكيد على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (مئنّة من فقه الرجل أن يقصر الخطبة ويطيل الصلاة)، وتجد كثيراً من الخطباء يعكسون الحديث ويطيلون الخطبة ويقصرون الصلاة. أما المحاضرات فالمحاضرون كثر، وإن كنت أنبه نفسي وإخواني ممن يتصدى للمحاضرات أن يكون له نقد ذاتي ليتعرف على نقاط القوة والضعف في  طريقة محاضراته. وأحمد الله عز وجل أن الإقبال على المحاضرات والمشايخ أضعاف أضعاف ما يطمع إليه العلمانيون والليبراليون والمتغربون. فهي مباركة ويشكر لكل المشايخ والعلماء جهدهم وإن كنت أطمع أن يكون أكثر، وأن يتعلموا فنون الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفاز وإنترنت.

س: المفكرون والنخب هم من يصنع ويشيّد العقول برأيك ما سبب تقصيرهم وانشغالهم الذي جعل بينهم وبين العامة فجوات؟ وما سبب تدني الوضع العلمي مع أن الخريجين والخريجات وحملة الماجستير والدكتوراه في ازدياد؟ ولماذا لا ُتنشر جميع الرسائل والأطروحات العلمية ؟

     أنت قدمت الحكم أنهم مقصرون، فهل ينبغي أن أعترف معك بتقصيرهم؟ لا أتهم أحداً بالتقصير ولكني معك في أنه ينبغي أن يكون لهم نشاط أكبر وينبغي أن يتوجهوا إلى الشباب في كل مكان، وإن تكثف نشاطهم وزادت بركتهم  انحسرت مظاهر الانحراف عند الشباب. لقد قامت المراكز الصيفية بدور مبارك ولما فكر البعض في وقفها زادت نسبة الجريمة والضياع والمخدرات لدى الشباب فعادت الدولة رعاها الله بفتحها من جديد . والبلاء الذي نعاني منه هو اتهام كل نشاط إسلامي بالإرهابي حتى إنني قرأت أن المخيمات الصيفية أو النشاط الصيفي في جدة توقف هذا العام. فهل اللهو هو المسموح به؟ ما زالت أقول لطلابي إن الأمة اللاهية المرفهة التي لا تعرف الجد لهي أمة يمكن هزيمتها بسهولة، وهذه فرنسا هزمت أمام جحافل هتلر في ساعات لأنها كانت غارقة في اللهو والترف، وإن الحاكم الذي يعتقد أنه بتوفير اللهو للشعب والترف يبعد الناس عن السياسة لهو مخطئ  لأن مثل هذا الشعب لا يمكن الاعتماد عليه.

س: أقمت َ زمنا لا بأس به في الولايات المتحدة بودي أن تكتب إلماحة عن أوضاع المسلمين هناك ؟ وماذا عن البلالية ؟ وأين أجد كتابك الذي تكلمت فيه عن أمريكا؟

   عندما أقمت في أمريكا لم يكن وجود الإسلام قوياً بل كانت النشاطات الإسلامية في بداياتها وكنت في جامعة أريزونا الحكومية في مدينة تمبي ولم يكن هناك مسجد، بل كان النشاط للطلاب العرب الذين كانت جمعيتهم شبه سرية حتى إنني كنت أمين الصندوق في تلك الجمعية ولا أعرف كيف يأتون بالمال وكيف يصرفونه، وكانت في يد بعض الطلبة الذين يشربون الخمر وهمهم الأول النساء. وكان لها دعم فيما أعتقد من بعض البلاد العربية. وكان الصراع بين مؤيدي فتح ومؤيدي حبش والصاعقة وغيرها من المنظمات. أما الإسلام فكان وجوده محدوداً في تلك الفترة. أما البلالية فمعلوماتي عنها قريبة من الصفر ولكني أعتقد أن الأستاذ فهد السنيدي أعد رسالة ماجستير حول المسلمين في أمريكا، وهناك كتابات كثيرة ومنها كتاب توزعه السفارة الأمريكية ليوفان يزبك حداد.  والدراسات كثيرة وما عليك إلاّ أن تكتب الآن الطائفة البلالية أو البلالية فقط وتجد ما تريد أو تحتاج من معلومات.

س: أؤمن بأن الوسائل الإعلامية يجب أن تنقل واقع الشعب و تكون المرآة التي تعكس أحوال الرعية للراعي هل هذا صحيح ؟! و هل برأيك وسائلنا الإعلامية نقلت بالشكل المطلوب معاناة الشعب و مشاكلهم ؟!

       من الصعب الحكم بإطلاق على الصحافة في جميع فتراتها وعلى الصحف جميعاً حكماً واحدا, نعم هناك تقصير ولكن هذه الصحف تخضع لقيود كثيرة يصعب تخطيها، فلذلك تحاول الصحف قدر المستطاع أن تنقل الهموم بوضوح وصراحة. والمطلوب منها أكثر مما تقدمه.


س: ما الذي أعجبك في أمريكا و لم تجده في السعودية ؟

      هذا سؤال كبير يستغرق صفحات وصفحات، يعجبني في الغرب عموماً الجانب العملي في حياتهم، فليس لديهم البيروقراطية التي لدينا، ولديهم المشروعات العامة التي توفر وسائل المعيشة الأساسية من مواصلات وغير ذلك. يعجبني في الغرب تشجيع اٌلإبداع وإعطاء الفرص للمبدعين وأن الواسطة أقل مما هي عندنا وإن كانت موجودة عندهم أيضاً ولكن بدرجات أقل. يعجبني الإدارة عموماً هناك التي تؤكد على الإنجاز ...والقائمة تطول، ولكن أيضاً هناك ما لا يعجبني ولا يتفق مع قيمنا وأخلاقنا وديننا من الإباحية والفوضى الاجتماعية وسأقدم مقالة إن شاء الله عن كتاب صدر حديثاً في أمريكا بعنوان (أنقذوا الرجل) وكاتبته امرأة.

س: أغلب المشاكل في السعودية - بحسب ما يناقش في المنتديات - تعود أسبابها لـ ((البطانة الفاسدة)) هل تعتقد بصحة ذلك ؟!

      سمعت مثل هذا الكلام كثيراً والمقصود تبرئة صاحب البطانة، ولكن من الذي قرّب هذه البطانة وأبعد تلك. من الطريف أن البطانة في الملابس هي التي تكون لاصقة بالجسد، ونحن نرتاح لنوع من البطانة ولا نرتاح لنوع آخر، وهكذا الحاكم لا بد أن يرتاح إلى بطانة معينة، ومن الذي يختار البطانة؟ هل هناك بطانة تفرض على أي حاكم في أي مكان من العالم؟ عندما جاء عمر بن عبد العزيز رحمه الله اختار بطانة غير البطانة التي كانت عند الحاكم السابق، لقد اختار البطانة التي توجهه إلى الخير والحق ولا تكتم عنه خبراً وترشده إلى الحق. روي أن عبد الملك أحد أبناء عمر بن العزيز رأى أباه في قيلولة قبل أن يكمل إرجاع المظالم، فقال لأبيه ومتى ستكمل إرجاع المظالم قال أقيل قليلاً ، فقال له الابن وهل تضمن أن تعيش إلى ما بعد القيلولة، الآن يا أبي...

تتحمل البطانة الفاسدة وزر ما يحدث ولكن إلى حدود.

س: قرأت من فترة جملة لبرنارد لويس لا أتذكرها حرفيا و لكن بما معناه (يجب أن تطلق الرصاصة بين عيني العرب فهم لا يحترمون إلا السلاح) أي أن العرب لا يخضعون إلا للقوة !بغض النظر عن مخالفتك له فكريا و دينيا ,, ما رأيك بمقولته ؟

     هل نقول رمتني بدائها وانسلت، هو الغرب بشقيه أمريكا وأوروبا لا يفهمون إلاّ لغة القوة وليس الصفع على الوجه، فنحن نتأدب مع أعدائنا، وهم لا يتأدبون معنا. عبارة لويس (كن قوياً أو شديداً أو اخرج) نعم قال مثل هذا الكلام، وقاله غيره من المفكرين الغربيين. أما رأيي في مثل هذا الأمر فهو نوع  من الاتهامات التي توجه إلى العرب والمسلمين باستمرار. وهل كانوا بحاجة إلى عبارة برنارد لويس لتبرر هجومهم علينا وضربهم لنا.؟ القضية أكبر من كلام لويس وإن كان لكلام لويس وأمثاله تأثيره في العقلية الغربية وفي عقلية الزعماء والسياسيين في الغرب. هم يريدون السيطرة علينا و الإحاطة بنا إحاطة السوار بالمعصم، وكانوا يسمون بعض الدول العربية حول إسرائيل (دول الطوق) بزعمهم أن هذه الدول تخيف إسرائيل وفي الحقيقة كيف تخافنا إسرائيل ولديها مئات الرؤوس النووية ولدينا روس فجل وروس بصل ويسمى المصريون البصل ب فحل بصل، الحمد لله نحن نضرب دائماً من الداخل والخارج ولكن ليس هكذا يصح أن يكون حكمنا، وإنما كما قال الحق سبحانه وتعالى (فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً جاهلين.

س: هل تشكل إيران تهديدا على المنطقة؟ أم أنها افتراءات أمريكية أقنعت بها الحكام العرب حتى تبقى قواعدها في المنطقة و تفرض سيطرتها على الشرق الأوسط؟

     نعم إيران خطر حقيقي لأن إيران أصبحت تملك القوة وإن كانت ضعيفة داخلياً لأن حكم الملالي امتلك القوة ولكن الداخل الإيراني الذي يوجهه الملالي والعلماء للإيمان بالخرافات وبالمهدي الذي يدعون دائماً عجل الله فرجه أو خروجه، فكيف يصدق إنسان في هذا الزمان بشخص مختف في سرداب ألفاً وأربعمائة سنة تقريباً؟ أما أن الغرب يستخدمها لتخويفنا فالأمر أبسط من ذلك، نحن لم نسع لتكون لدينا قوة عسكرية محترمة بل كان  جل اهتمام الحكومات في الخليج العربي على تكوين قوات لحفظ الأمن الداخلي أكثر من أن تكون لها جيوش لمواجهة اعتداءات خارجية. وما تزال أعداد القوات وأعداد المواطنين في دول الخليج والجزيرة أعداداً محدودة.


س: رغم اختلاف التوجهات الفكرية و السياسية بين الحزب الديمقراطي و الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، هل تتفق معي أستاذي بأن ما يحصل عليه الحزب الجمهوري عسكريا يحصل عليه الحزب الديمقراطي دبلوماسيا ؟! فباختلاف الطرق و الأساليب إلاّ أن جميع الطرق تؤدي إلى (البترول!!)

        ليس البترول وحده هو ما يريدونه منّا، يريدون لنا أن لا ننهض ونحن نسمح لهم بتعطيل مسيرتنا ونهضتنا، نعم يتدخلون لتأخير أي تحرك نحو تحرر الشعوب العربية والإسلامية، والحقيقة إن السياسة الأمريكية قد لا يرسمها الحزب الديمقراطي أو الجمهوري ولكنها جهات أقوى وأكبر هي التي تدفع للجمهوريين وللديمقراطيين أن يصلوا إلى الحكم، وهو نوع من تغيير الألوان والملابس والموضات ويذهب بوش ويأتي بوش آخر ولكن بصورة أخرى. إن الشركات الكبرى والمنتديات الكبرى مثل دافوس وغيره هي التي تحكم العالم أيضاً وليس أمريكا وحدها. علينا أن لا نبالغ في التفاؤل بان يذهب جون ويأتي جورج أو بول فالكل في النهاية شيء واحد. ولكن متى نحن نتحرك لا كرد فعل على ما يقومون به؟ متى تصطلح الحكومات العربية والإسلامية مع شعوبها وتدرك أن الشعوب لا تريد الكرسي وإنما تريد كرامة وإنسانية وحرية حقيقية أعطاهم الله إياها وسلبت منهم لأسباب واهية وهي الخوف على أن تنزع السلطة؟

س: أريد من شيخنا أن يضع " كرما " قائمة بكتب يرى أنها مما يجب قراءته في العموم لكل قارئ وكاتب،

   ما هذه الأسئلة يا أحمد؟ إنها أسئلة تعجيزية، كأنك تختبرني؟ لا لم أقصد إلاّ المداعبة، إنها الأسئلة التي تهم الباحث الحقيقي الذي يسعى ليكون له اسم ومكانة. أما القائمة فالأمر قد أجاد فيه غيري أيما إجادة وأرشدك إلى كتاب للشيخ محمد أحمد الراشد حول هذا الأمر وهو أكثر مني علماً وخبرة واطلاعاً وهو صاحب كتاب عن أبي هريرة وصاحب الرقائق وغيرها، وله أشرطة يطرب الإنسان للروح العظيمة التي يتحدث بها وعمق الفهم والمعلومات والإحصائيات وغيرها. ولكن أقول عليك أن تلم بطرف من كل علم، حتى الكيمياء والأحياء والفيزياء والتشريح. يمكن أن تكون توقعت مني أن أذكر لك أسماء كتب وتلك لعمري سهلة ولكن لم لا تعرف عن العناصر والفلزات واللافلزات ، وأن تعرف الذرّة والجزء والجزيء وتعرف أن الفيزياء تتناول الصوت والضوء، وأن تعرف ما دخل الكيمياء في حياتنا وأن تعرف شيئاً عن التشريح. وأن تعرف حتى عن الحشرات وغير ذلك من العلوم، وأن تعرف في اللغة وفي الاجتماع وفي علم النفس. هذه المعارف تصنع فكراً واسعاً وعميقاً.

س: ما طريقتك في كتابة الكتب والترجمة والتحقيق وكم تقضي من الوقت على إصدار الكتاب إذا عقدت العزم على إكماله ؟ وهل تعمل على أكثر من مشروع في وقت واحد أم تركز جهدكعلى المشاريع واحدا تلو الآخر؟

   طريقتي في التأليف والترجمة تختلف من موضوع لموضوع،  فالتأليف يمكن أن يبدأ بحثاً صغيراً يتم توسيعه وزيادته حتى يصبح كتاباً، أو تكون الفكرة موجودة فأقوم بالتفكير بمخطط الكتاب وأبدأ بجمع المادة والكتابة فصلاً فصلاً. والوقت يعتمد على الفراغ وأولاً وأخيراً على الهمة والنشاط والرغبة والحماسة. وأنا من الكسولين الخاملين حتى إني في غالب الوقت من أصحاب الوزن  فوق المتوسط (لا أحب أن أقول الثقيل) أي متين فتراني بطيء في العمل. ولكن ذات مرة فكرت أن أترجم جزءاً من كتاب (الأصولية في العالم العربي ) لريتشارد هرير دكمجيان ملحقاً لكتابي (من آفاق الاستشراق الأمريكي المعاصر) فاستشرت الشيخ موسى القرني فقال لي الملحق أو الملاحق لا تناسب هذا الكتاب. فشرعت في تأليف كتاب (الغرب في مواجهة الإسلام) ووضعت الملاحق تابعة له، وأنجزت ذلك في خمسة أيام من الخامس من ذي الحجة إلى التاسع منه. وأحياناً أترجم الموضوع مهما كان طويلاً في وقت قصير. وأذكر أنني ترجمت كتاب صراع الغرب مع الإسلام من الإنجليزية في شهر تقريباً وكنت في تلك الأثناء أعد رسالة الدكتوراه فما أحلى الخروج عن الأعمال المفروضة الواجبة. وكثيراً ما كنت أقرأ في أثناء الامتحانات. وكأنها طبيعة قديمة لدي أن أتمردا.

    وألفت كتابي عبد الحميد بن باديس بإشراف الدكتور أحمد الخراط حيث إنني عرضت على دار القلم أن أكتب كتاباً في سلسلة أعلام المسلمين فجاءني الرد بالموافقة ولكنهم اشترطوا أن يكون الكتاب أصيلاً وجيداً ولغته سليمة، فخفت أن لا أكتب كتاباً جيداً فلجأت إلى الخراط ليقرأ لي ما أكتب. وكان هذا كتابي الثاني الذي خفت أن يكون كتابي الأول هو الأول والأخير أو كما يقولون (بيضة الديك) فباض الديك بيضاً بعد بيض....

      أما بالنسبة للعمل في أكثر من مشروع فنعم أعمل وأحياناً لا تملك إلاّ أن تعمل كذلك فتكون تعد بحثاً لمؤتمر ويكون لديك أعمال أخرى، وهناك متعة في العمل في أكثر من مشروع حيث إنك تخرج من عالم إلى عالم وهكذا.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية