لو كان عندنا دراسات للغرب؟ حقوق الإنسان في الغرب


                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                       

كتبت قبل مدة بعنوان (هل تصدق هذا؟) عن الأمريكي الذي ادعى معاناته من الاضطهاد من بعض الجهات الحكومية الأمريكية، وأن حياته مهددة بالخطر ،ولذلك طلب اللجوء السياسي من دولة السويد التي رفضت أن تمنحه هذا الحق في المرة الأولى لما يعرف عن الولايات المتحدة الأمريكية من أنها دولة ديموقراطية وأنها دولة القانون. وتقدم مرة أخرى ومعه أدلة جديدة عن الاضطهاد الذي يتعرض له.
وبينا أبحث في القصاصات الصحفية لدي وجدت أن شرطة نيويورك التي اشتكى منها هذا المواطن الأمريكي ضالعة فعلاً في اضطهاد الأقليات العرقية فقد نشرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (Human Rights Watch)تقريرها الذي تتهم فيه الشرطة الأمريكية " بارتكاب انتهاكات فظيعة واتباع أساليب وحشية مع الذين يقعون في قبضة رجال الشرطة." وأضافت الصحيفة(الشرق الأوسط 16ربيع الأول 1419هـ نقلاً عن التقرير الذي يقع في خمسين وأربعمائة صفحة وتم إعداده بعد دراسة واستقصاء داما سنتين أن الاتهام لا يوجه للشرطة وحدها بل تشاركها السلطات المحلية والفيدرالية ووزارة العدل بأن هذه الجهات " تتقاعس عن التصدي لمثل هذه الانتهاكات الشائعة في الولايات المتحدة الأمريكية."
أما أفعال الشرطة التي تعد انتهاكاً لحقوق الإنسان فهي : إطلاق النار على الضحايا دون مبرر ، والضرب المبرح، والخنق وغير ذلك من الأفعال المخالفة لحقوق الإنسان وتعد خرقاً للمعاهدات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وبعد أن صدر التقرير جاء دور الشرطة الأمريكية لتنفي ما في التقرير وأنه غير نزيه وأنه لم يستند إلى دراسة واسعة مستقصية. ويضيف الدفاع بأنه قد توجد بعض حالات الانتهاك لحقوق الإنسان ولكنها حالات فردية شاذة من بعض رجال الشرطة السيئين .
وللتقرير جانب عملي وهو المطالبة بوجود جهات قادرة على رفع الدعاوى ضد الشرطة الأمريكية ومراقبتها مراقبة فعّالة حتى يمكن أن يفصل أي شرطي من الخدمة إذا ظهر أن لديه ميول أو استعداد لارتكاب المخالفات. أما الأقليات التي تتعرض لانتهاك حقوقها فهي فئة الأمريكيين من أصل أفريقي.
لقد ابتدع الغربيون منظمات حقوق الإنسان ومراقبتها وسلطوها على الشعوب الأخرى والحكومات الأخرى وجاء أخيراً من يقول لهم أنتم أيضاً تنتهكون حقوق الإنسان في بلادكم. وإلاّ فما بال الأمريكيين من أصل أفريقي وثورتهم في لوس أنجلوس بعدما تعرض الأمريكي رودني كينج للضرب المبرح والتعذيب من قبل بعض رجال الشرطة الأمريكيين البيض. ولم تكن حالة رودني كينج هي الوحيدة بل هي التي نالت التغطية الإعلامية. ولعل الإعلام أراد أن يحقق بعض المكاسب من الحكومة الأمريكية فأعطاها من التغطية ما تستحق أو ما فعله السود من حرق وتدمير هو الذي فرض على الإعلام أن يبحث في المسألة. وإلاّ فالحقيقة أن الانتهاكات لحقوق الإنسان في المجتمعات الغربية كثيرة جداً. فهناك من يوجه الاتهام للشرطة الأمريكية بانتهاك حقوق الأمريكيين الأفريقيين وبخاصة المسلمين منهم. وهناك حالات اتهمت الشرطة الأمريكية بعضهم بالتجارة في المخدرات وقد عرف أن هذه التهمة من التهم التي يسهل توجيهها. أما كسر الأطراف فحدث ولا حرج وما شمعون بيريز صاحب أسلوب تكسير العظام إلاّ نتاج الحضارة الغربية.
ليس مستغرباً أن يأتي تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان متهماً أو حتى مديناً الحكومة الأمريكية فإن الصحف الأمريكية قد كتبت قبل سنوات عن بعض فضائح رجال الشرطة الأمريكية في استغلال سلطاتهم في بيع المخدرات وانتهاك الأعراض واستغلال النفوذ للإثراء غير المشروع حتى كتبت الصحف أن الشرطة الأمريكية تتعرض لفضائح كل عشر سنوات. وقد كتبتُ مقالة بعنوان (المدينة المنورة في 14جمادى الآخرة 1414هـ) جاء فيه: "لو شاهدت شرطياً يسرق، وآخر يبيع المخدرات، وثالثاً يقبض مبلغاً للتستر على المجرمين، أو رابعاً يضرب مواطناً مسكيناً، لو شاهدت ذلك كله ما ذا سيكون رد فعلك؟ هل ستصدق ما ترى؟ ربما! ولكن لو كنت في مدينة نيويورك فصدق ذلك تماماً لأن هذا ما أوردته جريدة الحياة(11/10/1993) التي كتبت تقريراً مفصلاً تحت عنوان (شرطة نيويورك "حاميها حراميها.")
          فهل تتوقف أسطورة أن الغرب هو حامي حقوق الإنسان في العالم ؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية