الحقيقة الواضحة " على الرصيف


                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                "

                    
تسعى المنظمات النصرانية لنشر أفكارها بكل الوسائل الممكنة وهي في هذا السبيل تعد من أغنى المنظمات غير الربحية ( ولا أقول الخيرية) ومن هذه الأساليب أنني وجدت على قارعة الطريق وفي أحد شوارع نيويورك أو غيرها من المدن الأمريكية أعداداً من مجلة تصدرها هيئة كنسية أمريكية عنوانها ( الحقيقة الواضحة) (Plain Truth) وهذه المجلة تدعو الأمريكيين للعودة إلى الدين والتمسك بالأخلاق النصرانية وغيرها من الموضوعات التي تحفل بها أعداد هذه المجلة. التقطت عدداً وبعد ذلك أرسلت أطلب من الناشر أن يزودني بأعداد أخرى فزعموا أنهم توقفوا عن نشرها أو إرسالها إلى خارج الولايات المتحدة.
تذكرت هذه المجلة عند قراءتي لمقالة لإدوارد سعيد ( الحياة 20شوال 1418) تناول فيها نظرية ابن خلدون وغيره من المؤرخين الأوروبيين عن صنع التاريخ وأنه مهما بدت المهمة مستحيلة ومهما بلغ الضعف من أمة من الأمم فإن بإمكانها أن تفعل شيئاً ولا تستسلم وقد ذكر سعيد في مقالته ما نصّه:" العنصر المفقود هنا هو دور الإرادة في السيطرة على شؤون الإنسان ، وهو ما فهمه جيداً ابن خلدون وفوكو.."
وتناول إدوارد سعيد عبارة أحببت أن أنقلها بنصها لأهميتها لما يمكن للشعوب العربية والإسلامية أن تعمله على الرغم من الضعف الظاهر في أوضاعها وهذه العبارة هي:"إن هناك على رغم قوة اللوبي الإسرائيلي وتوافقه مع الأهداف الاستراتيجية الأمريكية كما ترسمها دوائر الاقتصاد والدفاع، قطاعاً مهماً من السكان يشعر بالحيرة والغضب من تمكن إسرائيل من ارتكاب كل هذه الانتهاكات للسياسة الأمريكية المعلنة في مجال حقوق الإنسان وانتشار أسلحة الدمار الشامل والضم غير القانوني للأراضي ..الخ علينا أن نسأل أنفسنا لماذا لم يخاطب العرب والفلسطينيون هذا القطاع في شكل منظم ؟ لماذا آمن قادتنا دوماً، وأيضاً مثقفونا المشهورون بتوجيه الاهتمام إلى "صانعي السياسة" وكبار المسؤولين وإهمال الباقين؟"
فهل يصعب علينا أن نخترق الإعلام الغربي أو أن نصل إلى وسائل الإعلام المحلية التي لم تخضع بعد وربما لن تخضع للنفوذ اليهودي الصهيوني ففي أمريكا ألوف المجلات والصحف المحلية كما يوجد فيها عدد كبير جداً من الإذاعات المحلية فهذه الوسائل يمكن الاتصال بها ويمكن أن يكون للعرب المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة وسائلهم الخاصة التي يمكن أن تصل إلى الجمهور الأمريكي. ومن المؤكد أن نسبة من الأمريكيين أصابها الملل والضجر من وسائل إعلامها القومية الكبرى وأذكر أن أحد الأمريكيين قال لي إن برامج المقابلات (Talk Shows) إنما هي نفايات وأوساخ لتركيزها على الأمراض وربما أضاف لتشجيعها على الفاحشة وإبرازها.
ويؤكد هذا أيضاً كتاب مايكال ميدفيد Michael Medved ( أمريكا وهوليوود )الذي ذكر فيه أن نسبة كبيرة من الأمريكيين يرفضون توجهات هوليوود وأن ما تدعو إليه هذه السينما من تدمير مؤسسة العائلة والعلاقات الاجتماعية ونشر الرذيلة والفساد إنما هي ضد توجهات الكثيرين. وقد أفادت بعض المؤسسات الكنسية النصرانية من هذا الأمر فبدأت بإنشاء قنوات فضائية تبث سينما بعيدة عن العنف والجنس والمخدرات والخيانات الزوجية.
أعود إلى مقولة إدوارد سعيد بأننا يجب أن نبذل الجهد في العمل للتأثير في المجتمعات الغربية والتوجه إلى أهل الشرف والعقول في الغرب من خلال اللقاءات مع هؤلاء من خلال زياراتهم لبلادنا أو من خلال حضور بعض مثقفينا من الذين يمتلكون الاعتزاز الحقيقي بالإسلام المؤتمرات والندوات في الغرب أو التوجه إلى مراكز الدراسات العربية والإسلامية في الغرب لإلقاء المحاضرات في هذه المراكز.
ولا أنسى أن نموذج مجلة الحقيقة الواضحة الذي بدأت به المقالة يمكن أن نكرره بأسلوب مناسب مع إمكاناتنا وقدراتنا والظروف الغربية. ومن الأعمال التي تؤثر كثيراً في المجتمعات الغربية أن نسعى إلى الإنتاج السينمائي في عرض الإسلام من خلال الأعمال الدرامية المتميزة المتقنة وقريباً سيبدأ المخرج العالمي مصطفى العقاد إنتاج فيلم عن صلاح الدين الأيوبي يظهر من خلاله عظمة الدين الإسلامي وما واجهه العالم الإسلامي وحتى بعض الدول النصرانية من وحشية الصليبيين، وهو الأمر الذي يتكرر هذه الأيام في كل من كوسوفا والبوسنة وغيرهما من الدول التي يضطهد فيها المسلمون، ويصحح كثيراً من المفاهيم المغلوطة التي انتشرت عن الإسلام والمسلمين على مر القرون.
فهل نبدأ في العمل؟






848




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية