متى يفهمون انّ الإسلام دين ودولة؟


                                                بسم الله الرحمن الرحيم

                     
في إحدى ليالي رمضان قدّمت قناة تلفزيونية عربية تُبث من لندن برنامجاً عن أهم الكتب التي أثرت في العالم العربي في القرن الماضي. وكان من بين الضيوف الأستاذ المتخصص في العلوم السياسية .... حيث ذكر أهم عشرة كتب يراها أكثر تأثيراً في العالم العربي.

وبعد أيام أعاد الدكتور ما قاله في البرنامج في مقالته الأسبوعية في الشرق الأوسط  (الأحد 11رمضان 1420هـ) وكان من بين تلك الكتب كتاب علي عبد الرازق الإسلام وأصول الحكم ومما قاله على الهواء مباشرة وأعاده في مقالته أن علي عبد الرازق قرر في كتابه هذا أن الخلافة أمر من وضع المسلمين وليس للدين شأن بأمور السياسة فالناس أدرى بشؤون حياتهم –كما زعم- ومما قاله نصّاً ما يأتي "أن مؤسسة الخلافة، ومنصب الخليفة ليس من أصول الدين الإسلامي، بل كانا مجرد خيار سياسي تاريخي ضمن خيارات أخرى وبرز نتيجة ظروف تاريخية ليس إلاّ. بل إن السياسة كلها هي خيار بشري دنيوي وليس من أصول الدين، في مخالفة لرأي الشيعة في ذلك وبالتالي فإن المسلمين "أدرى بأمور دنياهم. إلى أن يقول :"وخلاصة القول، بل خلاصة كتاب على عبد الرازق هي أن السياسة عموماً خيار دنيوي أولاً وأخيراً ولكن البعض يحاول أن يجعلها أصلاً من أصول الدين لحاجة في نفس يعقوب." أهـ.

وهنا أتوجه بالسؤال للدكتور قائلاً :"هل بذل جهده حقاً في قراءة القرآن الكريم مع قراءة التفاسير المعتمدة أو التفاسير بالمأثور أو حتى التفاسير المعاصرة أو حتى بدون أن يقرأ أي تفسير فإنه يفهم اللغة العربية  وقد يسّر الله عز وجل هذا الكتاب. فنسأله كم مرة ورد ذكر قصة موسى عليه السلام مع فرعون؟ وكم مرة ذُكر فرعون في سياق سياسي بحث؟ ألم يذكر القرآن قصة يوسف عليه السلام وتوليه منصب الوزارة في عصر كان الناس في حاجة إلى الحفيظ العليم؟

ألم يذكر القرآن الكريم داود عليه السلام وحكمه بين الناس وأمر الله عز وجل له بأن يحكم بالعدل. وقد جاءت آيات القرآن الكريم توضح صفات الحاكم العدل وعلاقته بالرعية وقد توقف الدكتور عبد العزيز قارئ في خطبة الجمعة ذات يوم عند قوله تعالى (فعرفهم وهم له منكرون) ليستنتج منها أن على الحاكم أن يعرف رعيته؛ يعرف أحوالهم وآمالهم وآلامهم وهمومهم. لا أن يعيش في برج عاجي منعزل عن رعيته فلا يدري ما يدور في بلاده. وأسأله وهو المتخصص في العلوم السياسية ألم يطلع على ما حدث في سقيقة بني ساعدة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

أما كتاب على عبد الرازق فقد نال من النقد العملي المنهجي الشيء الكثير لأن هذه الفكرة كلما خبتت أتى من يحييها جذعة فما بال أقوام من بني جلدتنا يتكلمون بألسنتنا لا يريدون أن يفهموا أن الإسلام دين ودولة. وقد فهم هذا الشيخ علي عبد الرازق حين قال:" كان سلطان النبي صلى الله عليه وسلم شاملاً فلاشيء مما تمتد إليه يد الحكم إلاّ وقد شمله سلطان النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نوع مما يتصور من الرياسة والسلطان إلاّ وهو داخل تحت ولاية النبي صلى الله عليه وسلم على المؤمنين؟" فهو كما يقول الدكتور العوّا يناقض نفسه تماماً. ولله در الشيخ عبد الحي الكتاني الذي ألف كتاباً سماه الحكومة النبوية وبين كيف أن الدولة الإسلامية في عهده صلى الله عليه وسلم ضمت كل أقسام الحكومة السياسية.

وليت الدكتور... يراجع كتب الحديث الشريف ليرى الأحاديث التي أشارت إلى الخلفاء الراشدين وإلى الخلفاء عموماً وإلى ولاية الأمر وما ينبغي على ولي الأمر أن يفعل. وأقتبس له حديثاً من هذه الأحاديث يقول فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم (من ولي من أمر المسلمين شيئاً فاحتجب دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلاّ احتجب الله دون حاجته وخلته ومسكنته يوم القيامة).



                                               






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية