ليس في البلد إلاّ …. الغربيون والاهتمام بالمنحرفين


                     
  تقديم: هذه مقالة قديمة عن احتفاء الإعلام السعودي المهاجر بنماذج رديئة ترفع من شأنها كما تفعل العربية وأمثالها 
          
     بعض الأمثال الشعبية يعبر بوضوح عمّا يجول في النفس أو ما يحدث في الواقع ومن هذه الأمثال المثل القائل (أليس في البلد إلاّ هذا الولد؟). فقد رأيت إعلاناً تجارياً باللغة الإنجليزية صادراً عن منظمة الشعر العالمية (الحياة 23 جمادى الآخرة 1419هـ) عن مشاركة أدونيس في مهرجان الشعر العالمي بلندن. ووصف الإعلان أدونيس بأنه واحد من أعظم الشخصيات في الشعر العربي في القرن العشرين. ثم تحول هذا الإعلان بعد أيام إلى أكثر من نصف صفحة في جريدة عربية دولية  (الشرق الأوسط 10 رجب 1419هـ) تحت عنوان (من أين تأتي ..إلى أين تذهب يا أيها الشاعر؟) ثم نشرت جريدة الحياة في صدر صفحتها الأخيرة صورة بالألوان (لأدونيس) (12رجب 1419هـ) حول مشاركته في المهرجان وأنه الشاعر العربي الوحيد الذي دعي للمهرجان بالإضافة إلى تفاصيل عن التي قامت بالترجمة وقراءة شعره باللغة الإنجليزية.

تساءلت أين شعراء العالم العربي هل يمكن أن نستشهد هنا بالمثل الشعبي (أليس في البلد إلاّ هذا الولد؟) من الذي دفع قيمة الإعلان الأول؟ ولماذا كل هذا الاحتفاء بأن أدونيس سيكون الشاعر العربي الوحيد الذي يدعوه منظمو المهرجان العالمي للشعر؟

أليس هذا من المضحكات المبكيات؟ ما الذي يريده منظمو مثل هذا المهرجان؟ ومن هم الذين خلفه تمويلاً ودعاية وتنظيماً؟ نتحدث طويلاً عن العولمة وهي أمامنا حين يراد منّا أن نعتقد أن أدونيس هو أحق شاعر بتمثيلنا في مهرجان الشعر العالمي. ألا يعرف منظمو المهرجان أن العالم العربي غني والحمد لله بالشعراء الذين يعبرون عن آمال أمتهم وآلامها ويعبرون عن مبادئها وثوابتها وقيمها وأخلاقها؟ هل صحيح أن أدونيس الذي تخلى عن اسمه العربي أحمد علي إلى أدونيس يصح أن يكون ممثلاً للشعر العربي؟ إن الذي يرفض الاسم العربي لا يستحق أن يمثل الشعر العربي مهما كانت أسبابه.

ولكن ليس هذا بالأمر الجديد عن الدوائر الفكرية الغربية التي احتفت وما تزال تحتفي بنوعية معينة من أدباء العالم العربي الإسلامي. ألم يحتفوا بنوال السعداوي وعبد الرحمن منيف ومحمد شكري، وتسليمة نسرين ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وغيرهم؟

     وفي الوقت الذي يحتفى فيه بادونيس يرى الدكتور صالح الطعمة أن الأدب العربي الحديث قد "أهمل وهمّش أو أقصي كلياً من الأدب العالمي. ويرى إدوارد سعيد في المقدمة التي كتبها لكتاب أيام الغبار لحليم بركات أن الأدب العربي هو من الآداب المحظورة.

     ولم يقتصر الاهتمام بأدونيس على الغربيين فإن من أبناء جلدتنا المتحدثين بلساننا قد جعلوا كتاب أدونيس كما يرى الدكتور عاصم حمدان رحمه الله- الثابت والمتحول "دستوراً لهم" لا ينقل من ثقافة الغرب وفلسفته سوى النفايات الفكرية التي تخلص منها أهلها وذووها منذ زمن ، ثم يأتي أدونيس ويلبسها ثوباً جديداً من فكره الضال ليقوم بتسويقها في مجتمعاتنا، وما أكثر ذوي العقول المنحرفة الذين يجدون في أقواله بضاعة يتباهون بها بين قومهم، وما أفسدها من بضاعة."

   وبلغ من اهتمامهم بأدونيس أنه من المرشحين عند القوم لنيل جائزة نوبل، ومنذ نيل نجيب محفوظ والصحافة الحداثية التي تتلقى الوحي من الغرب تنتظر أن ينالها أدونيس، وهناك من يشاركهم هذا الترشيح أو يوحي لهم به مثل المستشرق روجر ألن.

      ولعل أدونيس أدرك أن تأييد السلام والتطبيع مع إسرائيل سيأتي له بالجائزة فقد أعلن قبوله للتطبيع مع إسرائيل في المؤتمر الذي أقامته اليونسكو في غرناطة تحت عنوان(ما بعد السلام) وكان من جراء هذه الدعوة أن طرد من اتحاد الكتاب العرب. ولعل هذا الموقف وأشباهه هي التي جعلت منظمي مهرجان الشعر العالمي يختارون هذا الشاعر ليمثل في نظرهم العرب. أما العالمية هنا فتشبه ما تفعله بعض هيئات المصارعة الأمريكية حين تطلق على نفسها العالمية. ولعل عالميتهم مثل مغسلة صغيرة في قرية فقيرة في ركن من أركان العالم تطلق على نفسها (المغسلة العالمية) وهذا هو المهرجان العالمي، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.



ص ب (279) المدينة المنورة ، فاكس 2361-848.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية